لبنان ليس سوريا… ولن يكون!


خاص 22 تموز, 2025

لقد برهنت أحداث السويداء أنّ سوريا تحتاج إلى وقتٍ طويلٍ قبل عودة الدولة فعليًّا لبسط سلطتها على الجميع، من دون أيّ تفريق مذهبي أو ديني، وأعطت إشارةً واضحةً أنّ مهمة رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع ليست سهلةً، ودونها الكثير من العقبات، على الرغم من الدعم الدولي الكبير الذي يحظى به.

كتب بشارة خير الله لـ”هنا لبنان”:

شعر اللبنانيون بالهلع لحظة اندلاع “الحرب” بين العشائر والدروز في محافظة السويداء في سوريا، وتلمّسوا خطورة انتقالها إلى لبنان، قبل أن يتأكد للجميع أنّ “الحرب” في لبنان هي كناية عن “معارك سوشيل ميديا”، وما يجمع السُنّة والدروز أكبر بكثير من أي إشكالٍ أيًّا يكن مفتعله، وأيًّا تكن خطورته.

أهل التوحيد في لبنان بغالبيتهم الساحقة يحبون شهيدهم الكبير كمال جنبلاط، وأهل السُنّة والجماعة يتّمهم اغتيال دولة الشهيد رفيق الحريري، وما يجمع الحدثَيْن الأليمَيْن ببعضهما البعض أنّ قاتل كمال جنبلاط هو نفسه قاتل رفيق الحريري وبشير الجميّل وحسن خالد وباقة من الشهداء الأبرار، وصولًا إلى لقمان سليم والياس الحصروني.

والحدث الجلل في سوريا، مؤلم كثيرًا لجميع اللبنانيين، لكن، ولله الحمد، بقي خارج الحدود، ولم تتسلّل نيرانه إلى الداخل اللبناني، بفعل الوعي الشعبي وحكمة المؤتمنين على هذه الجماعات.

ولا بدّ هنا من الإشارة إلى الاتصالات على أرفع مستوياتها لإخماد نار الفتنة في مهدها، من رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس الوزراء إلى مفتي الجمهورية وشيخ العقل، إلى وليد جنبلاط وطلال أرسلان وغيرهم من الغيارى على وحدة الموقف في لبنان لمنع أيّ تدهور، مع احتفاظ كلّ فريق بحقّه في التضامن الإنسانيّ مع أيّ فريقٍ من المتنازعين في سوريا.

تُظهر الأحداث أنّ لبنان لا يزال بيئةً غير حاضنةٍ للتطرّف، لا بل، وعلى الرَّغم من محنته الكبيرة، يستطيع إعطاء الدروس في التعايش بين المكوّنات، أيًّا كانت توجهاتها ومهما كبرت خلافاتها.

ويتأكّد للجميع أن الأحداث الأليمة السابقة كانت مدبّرةً بفعل الطوابير الخامسة، وأنّ كل من شارك في الاقتتال أصابه الندم، وليس على استعداد لإعادة عقارب الساعة إلى زمن الماضي.

لقد برهنت أحداث السويداء أنّ سوريا تحتاج إلى وقتٍ طويلٍ قبل عودة الدولة فعليًّا لبسط سلطتها على الجميع، من دون أيّ تفريق مذهبي أو ديني، وأعطت إشارةً واضحةً أنّ مهمة رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع ليست سهلةً، ودونها الكثير من العقبات، على الرغم من الدعم الدولي الكبير الذي يحظى به.

وعليه، تتّجه الأنظار إلى كيفية المعالجة لعدم تكرار ما حدث تحت أيّ ظرف، لأنّ الكلفة غالية على الجميع، على دروز سوريا المطالبين بدولة تحميهم وتحفظ كرامتهم، وعلى أحمد الشرع تحديدًا، لأن الأحداث الخطيرة هزّت عرشه وأفقدته جزءًا من قدرته على السيطرة، فيما لو أكملت إسرائيل هجومها على وزارة الدفاع، تحت عنوان الدفاع عن الدروز، وسعيًا ربما، إلى تحسين شروطها على طريق السلام.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us