السلاح تحت سلطة الدولة؟

التحدّيات تبقى كبيرةً، في ظلّ رفض “الحزب” لأي مهلةٍ زمنيةٍ للتسليم، وتبايُن المواقف السياسية بين الدعوة إلى الحسم الفوري، وبين إدماج الملف في استراتيجية دفاعٍ وطنيةٍ شاملة.
كتب جو أندره رحال لـ”هنا لبنان”:
قبل نهاية آب الجاري، يُنتظر أن يضع الجيش اللبناني على طاولة مجلس الوزراء خطته الزمنية لحصر السلاح بيد الدولة، في خطوةٍ تُعدّ الأكثر جدّيةً منذ سنوات على طريق استعادة القرار السيادي. الحكومة برئاسة نوّاف سلام كانت قد كلفت المؤسّسة العسكرية بإعداد خطةٍ متكاملةٍ تُناقَش في جلسةٍ خاصةٍ قبل انقضاء الشهر، على أن يُستكمل البحث في جلسة غدٍ الخميس لبلورة رؤية تنفيذية واضحة.
الخطة المنتظرة لن تُبنى من فراغ، بل ستستند إلى ثلاثة مرتكزات أساسيّة: خطاب القسَم للرئيس جوزاف عون الذي أكّد أن احتكار السلاح بيد الدولة هو مدخل بناء الجمهورية القوية، والبيان الوزاري الذي التزمت به الحكومة أمام المجلس النيابي، والقرار الدولي 1701 الذي يُشكّل الإطار القانوني لضبط الأمن جنوب الليطاني ومنع أي نشاط مُسلّح خارج سلطة الدولة.
مصادر حكومية أشارت إلى أن جلسة مجلس الوزراء الأخيرة شهدت غياب وزيرين بداعي السفر، هما ياسين جابر ممثلًا حركة “أمل” ومحمد حيدر ممثلًا “حزب الله”، في وقتٍ انسحب وزيرا الحزبَيْن اعتراضًا على إدراج بند حصر السلاح ضمن جدول الأعمال، ما عكس عمق الانقسام السياسي حول هذا الملف.
حتى الآن، لا تتوافر معلومات رسميّة دقيقة عن مضمون الخطة، بانتظار أن يعرض الجيش تصوّره الكامل أمام مجلس الوزراء. وفي هذا السياق، عُلِمَ أن المبعوث الأميركي توماس باراك لا يزال في بيروت، وقد التقى قائد الجيش العماد هيكل وناقش معه الخطوط العريضة للخطة، في إطار المشاورات السياسية والأمنية الجارية.
الخطوة تأتي وسط ضغوطٍ أميركيةٍ وأوروبيةٍ متزايدةٍ، تشترط المضي في مسار حصر السلاح كشرطٍ أساسيّ لاستئناف الدعم المالي للبنان، والذي قد يصل إلى مليار دولار سنويًا لدعم التعافي الاقتصادي. وفي موازاة ذلك، تُفيد تقارير أمنية بأنّ الجيش أحرز تقدمًا ميدانيًا جنوب الليطاني في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2024، إلّا أنّ مدى ارتباط هذه الإجراءات بالخطّة الشاملة لم يُحسم بعد.
التحدّيات تبقى كبيرةً، في ظلّ رفض “حزب الله” لأي مهلةٍ زمنيةٍ للتسليم، وتبايُن المواقف السياسية بين الدعوة إلى الحسم الفوري وبين إدماج الملف في استراتيجية دفاعٍ وطنيةٍ شاملة. أمّا على الصعيد الشعبي، فتتوزع الآراء بين مَن يعتبر الخطة فرصةً تاريخيةً لاستعادة هيبة الدولة، ومَن يشكّك في إمكانية تنفيذها في ظلّ موازين القوى الحالية.
في الخلاصة، يقف لبنان أمام استحقاقٍ أمنيّ وسياسيّ حاسمٍ قبل نهاية آب، عنوانه سيادة الدولة على كامل أراضيها. نجاح الخطّة سيشكّل محطةً فاصلةً في إعادة بناء المؤسسات وتعزيز الاستقرار، أمّا فشلها فسيكرّس واقع السلاح الموازي الذي ظلّ لعقودٍ أكبر عائقٍ أمام قيام دولة قوية وفاعلة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() بالنسبة لبكرا… ما عاد في زياد | ![]() “لبنان عم يرجع” | ![]() “وسيط الجمهورية”: جسر مكسور بين المواطن والدولة |