لبنان دولة لا ضاحية!


خاص 11 آب, 2025

خطاب النائب محمد رعد يفتح الباب أمام سيناريوهات داخلية خطيرة، ويدفع البيئة الشيعية نحو مواجهةٍ غير محسوبة العواقب؛ مع كشف مستشار المرشد علي أكبر ولايتي، وبكلّ وقاحة، أنّ طهران لن تسمح بنزع سلاح الحزب.

كتب طوني كرم لـ”هنا لبنان”:

سقط سلاح الميليشيات بسقوط من أوجده، من طهران إلى بيروت، وتهاوت معه الأوهام وأضاليل المنتشين بالسلاح كزينةٍ للرجال، بعدما انكشفت حقيقته مع توريط لبنان في مغامرة “طوفان الأقصى” وفي كواليس الصفقات الإيرانية – الأميركية!. وأثبتت الأيام أن هذا السلاح لم يُعبّد طريق القدس، بل قطعها، في وقتٍ باتت فيه المدينة المقدسة مطلبًا إنسانيًا جامعًا، لتكون مدينةً مفتوحةً أمام جميع المؤمنين، يحجّون إليها بسلام وأمان.
تحوّل مطلب حصر السلاح بالدولة، الذي انطلق من نخبٍ سياسيةٍ وإعلاميةٍ وشعبيةٍ، إلى قرار حكومي حاسم. قرار يؤسّس لمرحلة جديدة في تاريخ لبنان، عنوانها بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وتكليف الجيش اللبناني بوضع خطة عملانية ضمن مهلة زمنية محدّدة لتنفيذها.
إنها مرحلة الحسم، لا في الميدان فحسب، بل في القرار والسيادة الداخلية. فلبنان لم يعد ضاحيةً خلفيّةً للأخطبوط الإيراني، ولا منصةً لتصدير المسلحين والمخدرات، أو لزعزعة أمن واستقرار دول الجوار، لا سيما العربية منها.
تعمّد حزب الله التعامل مع قرار الحكومة “إعلاميًا” وكأنّه غير موجود، في محاولة قد تكون مفهومة لجمهور لصيق بصورة أمين عام وحزب فقدا صورتهما وهيبتهما ونشوتهما مع سقوط الدور، واستهداف القادة الذين ارتضوا اللّحاق بمغامرة “محور المقاومة”. ويحاول الحزب تعويض عجزه عن الردّ على المُسيّرات الإسرائيلية والاستهداف اليومي لعناصره بتنظيم مسيرات للدراجات النارية، لترهيب المواطنين على الطرقات وفي منازلهم، بعد قرار الحكومة الحازم وإسقاط “القدسيّة” عن سلاحه.
أما الأخطر، فجاء في خطاب رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، الذي حمل نبرةً انقلابيةً ضد الدولة، مهدّدًا بمعادلة “الموت ولا تسليم السلاح”، ومعتبرًا الامتثال لقرارات الشرعية اللبنانية “انتحارًا”. وهو خطاب يفتح الباب أمام سيناريوهات داخلية خطيرة، ويدفع البيئة الشيعية نحو مواجهةٍ غير محسوبة العواقب؛ مع كشف مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، وبكلّ وقاحة، أنّ طهران لن تسمح بنزع سلاح حزب الله.
وأمام اتّضاح الإرتباط العضوي التخريبي والانقلابي بين إيران وحزب الله، على مشروع قيام الدولة في لبنان، يبرز السؤال: هل سيُجاري “الأخ الأكبر” حزب الله في مخططه التدميري، أم سيقف حاجزًا أمام جرّ الطائفة إلى الانتحار الجماعي؟ الإجابة تكمن في الإسراع إلى معالجة جوهر المعضلة، وإخراج “الحزب” من الضاحية ومصالحته مع فكرة الدولة اللبنانية، الضامنة لأمن وسلامة جميع أبنائها من دون تفرقة أو تمييز.
مصادر نيابية في حركة “أمل”، آثرت التزام الصمت حيال قرارات الحكومة وتسارع الأحداث ودقّتها، معتبرةً أن الوقت ليس مناسبًا لإطلاق مواقف أو طرح مخارج، في ظلّ مشهد داخلي متأزم ومفتوح على كلّ الاحتمالات. وشددت لـ”هنا لبنان” على أهمّية البحث عن قواسم مشتركة تُعيد تصويب البوصلة السياسية، وتوحّد الصفوف، بدلًا من استغلال الفرص وتأجيج الانقسام.
وفي ظلّ اقتصار موقف حركة أمل على دعوة مناصريها إلى عدم المشاركة في المسيرات الاحتجاجية ضدّ قرار حصر السلاح بيد الدولة، تؤكّد مصادر مُتابعة على الدور المحوري المُلقى على رئيس مجلس النواب نبيه بري، خصوصًا في حماية شيعة لبنان وتجنيبهم الانتحار الجماعي، انطلاقًا من الرّكون إلى اتفاق الطائف والدستور اللبناني، اللذَيْن يشكّلان فيصلًا بين جميع اللبنانيين، ويقدّمان الجواب الشافي لإسقاط أوهام الانتقام التي يتذرّع بها الحزب للتمرّد على الشرعية، والانقلاب على أي محاولة لاستيعاب الموالين للمشروع الإيراني تحت سقف الدولة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us