لاريجاني في بيروت غداً… ورسالة لبنانية حازمة!

لبنان 12 آب, 2025

تبلغت أمس الجهات الرسمية بزيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي لاريجاني الذي يصل غداً الأربعاء إلى بيروت وسط أجواء سياسية رافضة لزيارته، بعدما تجاوزت إيران عبر مواقفها التدخل في الشؤون اللبنانية كل الحدود والخطوط الحمراء، وأمعنت في تحدي السلطة اللبنانية عبر تصاريح متعاقبة ترفض قرار احتكار الدولة السلاح وتتمسك ببقاء سلاح “حزب الله”.

وبحسب معلومات “النهار”، تقدمت السفارة الإيرانية بطلب رسمي إلى السلطات اللبنانية، وتم تحديد مواعيد للقاء لاريجاني مع رؤساء الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام ومجلس النواب نبيه بري، ولم يُطلب أي موعد مع وزير الخارجية يوسف رجي، علماً أن الأخير لم يكن ليستقبل المبعوث الإيراني ولو طلب موعداً لذلك.

وعُلم أن رجّي أبدى استياءه من المواقف الإيرانية في الكواليس السياسية، وكان يفضّل ألا تحصل الزيارة وألا يتم السماح للاريجاني بزيارة بيروت. وعُلم أيضاً أن رئيس الحكومة نواف سلام سيكون حاسماً مع لاريجاني، وسيبلغه استياء لبنان مما يعتبر تدخلاً في الشؤون اللبنانية.

وعشية زيارته لبيروت، اعتبر لاريجاني “أن علاقاتنا مع الحكومة والشعب اللبناني في مجالات مختلفة، تشمل السياسة والثقافة والاقتصاد، وهي متجذرة وواسعة،‌ وفي هذه الزيارة أيضاً، وستتم مشاورات مهمّة مع المسؤولين اللبنانيين والشخصيات المؤثرة”، وقال إنّ “الظروف السائدة في لبنان، خصوصاً في ظلّ التطورات الأخيرة والاشتباكات الخطيرة مع إسرائيل، حسّاسة وخاصة من هنا، فإن الحوارات من أجل تعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي تحظى بأهمية كبيرة”. وأعلن أن “هذه الجولة تشهد توجيه رسائل محدّدة أيضاً من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فالمواقف الإيرانية تجاه لبنان كانت دائماً واضحة تحت عنوان الحفاظ على الوحدة الوطنية اللبنانية في أي ظرف، والتأكيد على استقلال لبنان وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية”. وختم: “إن الجمهورية الإسلامية كانت دائماً مستعدة لمساعدة الشعب اللبناني من أجل تجاوز الأزمات وإيجاد الاستقرار والتنمية المستدامة، وستظل كذلك”.
ورغم الترددات السلبية لمواقف المسؤولين الإيرانيين، اعتبر أمين مجلس صيانة الدستور الإيراني، علي جنتي “أن احتلال قطاع غزة بالكامل ونزع سلاح حزب الله “أحلام واهمة”.

كما أنه على الصعيد السياسي، صعد حزب “القوات اللبنانية” موقفه من الحزب وإيران، فاعتبر رئيس حزب “القوات” سمير جعجع أنه “لو اقتصرت مواقف المسؤولين الإيرانيين على مجرد إبداء الرأي في أحداث داخلية تحصل في بلد آخر، وبالطرق الديبلوماسية المعهودة، لكان الأمر مقبولًا ولو بحدّه الأدنى. ولكن أن يذهب أصحاب هذه المواقف إلى حدّ الجزم بأن قرار الحكومة بنزع السلاح لن يمر، فهذا ينمّ عن تحريض من جهة، وتهديد بتدخّل عسكري ضدّ الحكومة اللبنانية من جهة أخرى، من أجل منعها من تنفيذ قراراتها. ولذلك، على الحكومة أن تفكّر جديًا بدعوة مجلس جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي إلى عقد جلسات طارئة لطرح مسألة التهديد الإيراني للبنان، وكذلك التقدّم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي، مفادها أن إيران تهدّد لبنان وتتوعّده، وصولًا إلى التهديد بالتدخّل العسكري المباشر”.

وأكدت أوساط وزارية لـ “نداء الوطن” أمس أن الدولة دخلت في كباش سياسي مع “حزب الله” الذي يلقى إسنادًا معلنًا من إيران حتى إشعار آخر وسط إصرار مستمر من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام على نزع السلاح غير الشرعي وتطبيق قراري الحكومة في 5 و7 آب الجاري.

وفي السياق نفسه، علمت “نداء الوطن” من مصادر مطّلعة، أنّ الزيارة المرتقبة لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بيروت، تأتي بطلب مباشر من “حزب الله”، وتهدف إلى أمرين أساسيين: أوّلهما، احتواء التوتّر المتصاعد بين “الحزب” والحكومة اللبنانية، على خلفية قرار مجلس الوزراء الأخير بتكليف الجيش اللبناني وضع جدول زمني لسحب السلاح غير الشرعي من مختلف المناطق اللبنانية، وهو ما واجهه “حزب الله” باعتراض حاد، عبّر عنه مسؤولوه علناً، وفي الشارع. أمّا الهدف الثاني، فهو تخفيف حدّة الاحتقان، الرسمي اللبناني تجاه إيران، بعد ما اعتُبر تحديًا مباشرًا لقرارات الحكومة من قبل اثنين من كبار المسؤولين الإيرانيين، هما مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، ووزير الخارجية عباس عراقجي، في مواقف اعتُبرت تجاوزًا للأعراف الدبلوماسية، وتدخلًا صريحًا وفجًا في الشأن السيادي اللبناني في لحظة سياسية دقيقة يمرّ بها لبنان، وسط ضغوط دولية متزايدة لدفع الحكومة اللبنانية نحو تنفيذ الإصلاحات السياسية والأمنية المطلوبة، لا سيّما تلك المرتبطة بحصر السلاح بيد الدولة.

وبحسب المعلومات، فإنّ لاريجاني سيحمل معه رسائل تهدئة من القيادة الإيرانية، في محاولة لإعادة ضبط إيقاع العلاقة بين “حزب الله” والدولة، خصوصًا مع اتّساع الهوة بين مواقف “الحزب” وبعض مكوّنات الحكومة، على خلفية ملفّ السلاح، والقرار اللبناني بحصره بالمؤسسات الرسمية الشرعية، بما يتوافق مع خطاب القسم والبيان الوزاري والقرارات الدولية ذات الصلة، وفي مقدّمها القرار 1701 .

في السياق نفسه، يُنتظر أن يلعب رئيس مجلس النواب نبيه برّي دورًا مسهّلًا لمهمّة لاريجاني، إلاّ أنّ برّي، بحسب المعلومات نفسها، لم يكتفِ بدور الوسيط التقليدي، بل نقل عبر قنواته الخاصة، رسالة واضحة إلى طهران، مفادها أنّ شيعة لبنان لا يمكنهم إلاّ أن يكونوا مع الدولة ومؤسساتها، وأنّ ما عدا ذلك هو انتحار سياسي وأمني لا طائل منه.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us