الشارع اللبناني ليس آمناً… الكلاب الشاردة تحاصر العاصمة

بينما تتنامى أعداد الكلاب الشاردة في شوارع بيروت، يزداد الضغط على البلديات والجمعيات للتحرك السريع، حمايةً للناس من جهة، وصوناً لحقوق هذه الحيوانات من جهة أخرى. فالظاهرة لا تهدد الصحة العامة فقط، بل تطرح أيضاً أسئلة حول مسؤولية الدولة في تنظيم ومراقبة الشوارع وضمان بيئة آمنة للمواطنين والحيوانات على حد سواء
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
مع ساعات الصباح الأولى أو خلال الليل، بات مشهد الكلاب الشاردة مألوفاً في شوارع بيروت وأحيائها. هذه الظاهرة، التي كانت في السابق محصورة في المناطق الجبلية والريفية، تمدّدت اليوم إلى قلب العاصمة، ما أثار قلق السكان وخشيتهم من التعرض لحوادث عضّ أو مطاردة، خصوصاً مع تزايد أعدادها بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة.
ويشكو سكان العاصمة من انتشار مجموعات الكلاب الشاردة في الأحياء السكنية والطرقات الفرعية وحتى قرب المدارس والحدائق العامة. بعض الأهالي أبلغوا عن مطاردات لأطفالهم والمارة، فيما تزداد المخاطر على السائقين وراكبي الدراجات عند التعرض لهجوم مفاجئ. هذه المشاهد اليومية، التي لم تكن مألوفة في العاصمة قبل سنوات قليلة، باتت تقلق المواطنين بشكل مستمر.
حادثة وئام وهاب… جرس إنذار
ولا يمكن الحديث عن الظاهرة دون الإشارة إلى أبرز الحوادث التي سلطت الضوء على الموضوع، إذ تعرض الوزير السابق وئام وهاب لعضة كلب أثناء ممارسته الرياضة في إحدى المناطق الجبلية. وقد خضع وهاب لعلاج وقائي مكثف، تضمن نحو 30 إبرة في البطن على مدى شهر كامل، لضمان منع أي مضاعفات صحية محتملة مثل الإصابة بفيروس السعار. هذه الواقعة أعادت فتح النقاش حول ضرورة وجود استراتيجية وطنية واضحة للتعامل مع الكلاب الشاردة وحماية المواطنين، لتأكيد أنّ الخطر لم يعد مجرد تهديد نظري، بل حقيقة ملموسة.
إهمال رسمي وتدخل بلدي محدود
على الرغم من خطورة الموضوع، لم تسجل الدولة أو الوزارات المعنية تحركات جدية لمعالجته. الإهمال المزمن يترك المواطن في مواجهة مباشرة مع هذه الكلاب، من دون أي حماية فعلية. فغالبية الإجراءات المتخذة كانت مبادرات فردية أو محلية، فيما يغيب التنسيق الوطني والاستراتيجية المستدامة التي تراعي الصحة العامة وحقوق الحيوان على حد سواء.
في هذا السياق، برزت جهود بلدية بيروت بالتعاون مع جمعيات الرفق بالحيوان، محاولةً سد بعض الثغرات. وأكد عضو مجلس البلدية المحامي محمد بالوظة، أنّ “أي خطوة تتخذها البلدية تتم فقط تحت إشراف الجمعيات وباستشارتها، وهناك آلية احترافية لالتقاط الكلاب باستخدام المعدات المخصصة من أقفاص وأدوات آمنة، لتأمين نقلها دون تعريض المواطنين للخطر. بعد ذلك، يتم تسليمها إلى الجمعيات التي تتولى رعايتها ومعالجتها.”
وأشار بالوظة إلى أنّ البلدية تعمل على تخصيص مأوى داخل حرش بيروت لإيواء الكلاب الأليفة والقطط الشاردة، بينما تبقى الحيوانات المفترسة بحاجة إلى أساليب علاج وتأهيل خاصة تقوم بها الجمعيات المتخصصة، مؤكداً أنّ هذه الخطوات رغم أهميتها، تبقى محدودة دون خطة شاملة على المستوى الوطني.
الحاجة لخطة وطنية عاجلة
من جهتها، تؤكد المنظمات البيئية والخبراء أنّ ظاهرة الكلاب الشاردة لم تعد مسألة محلية أو ظرفية، بل قضية مرتبطة بالأمن الصحي والاجتماعي. ويحتاج الوضع إلى خطة وطنية عاجلة تشمل برامج تلقيح وتعقيم، تعاوناً مستداماً مع الجمعيات المتخصصة، وإيجاد ملاجئ مناسبة للحيوانات. فالمعالجة الجزئية أو المحلية، وإن كانت خطوة إيجابية، لن تكون كافية إذا لم تُصاحبها سياسة رسمية واضحة تحد من انتشار هذه الظاهرة.
وبينما تتنامى أعداد الكلاب الشاردة في شوارع بيروت، يزداد الضغط على البلديات والجمعيات للتحرك السريع، حمايةً للناس من جهة، وصوناً لحقوق هذه الحيوانات من جهة أخرى. فالظاهرة لا تهدد الصحة العامة فقط، بل تطرح أيضاً أسئلة حول مسؤولية الدولة في تنظيم ومراقبة الشوارع وضمان بيئة آمنة للمواطنين والحيوانات على حد سواء.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() الجيش يُطلق خطة تسليم السلاح… واليونيفيل أمام سيناريو التمديد الأخير | ![]() لبنان يرسم خطاً أحمر لإيران: عون يعلن السيادة الكاملة بوجه لاريجاني | ![]() على طاولة بعبدا… لبنان يختار الدولة لا الدويلة |