عون – باراك: خطوة لبنانية جريئة… والكرة في ملعب إسرائيل

زيارة باراك إلى بيروت لم تكن عابرة، بل رسالة واضحة بأن العالم يضع ثقته برؤية الرئيس عون. إنها لحظة فاصلة: إمّا أن تتحوّل المبادرة إلى مسار مستدام من السيادة والتنمية، أو يخسر لبنان مجددًا فرصة تاريخية لصياغة مستقبله على أسس الدولة الواحدة والقرار الواحد
كتب جو أندره رحال لـ”هنا لبنان”:
في مشهد سياسي مفصلي، استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في قصر بعبدا المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، ترافقه مورغان أورتاغوس في زيارة حملت أكثر من دلالة بعد حرب استمرت أربعة عشر شهرًا وانتهت أواخر العام الماضي، مخلفة خسائر بشرية واقتصادية تجاوزت 11 مليار دولار وفق تقديرات البنك الدولي. اللقاء لم يكن مجرد محطة بروتوكولية، بل شكّل اعترافًا دوليًا بخيار الدولة اللبنانية وحصرية السلاح بيد مؤسساتها الشرعية.
الرئيس عون افتتح الاجتماع بموقف سيادي واضح قائلاً: “المطلوب الآن هو التزام الأطراف الأخرى. موقف الحكومة اللبنانية تعبير عن إيمان المسؤولين بما يخدم مصلحة بلدهم وجميع مواطنيه. لا دولة بظل دويلة، والجيش هو الضامن الوحيد للأمن”. وأكد أن الحكومة كلفت المؤسسة العسكرية وضع خطة متكاملة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام، استنادًا إلى الدستور والبيان الوزاري وقرار مجلس الأمن 1701.
من جهته، أشاد باراك بما اعتبره “خطوة تاريخية”، مضيفًا: “الحكومة اللبنانية قامت بواجبها الأول… والكرة الآن في ملعب إسرائيل للالتزام بالمثل عبر وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب تدريجي من النقاط المتنازع عليها. المعاملة بالمثل هي الطريق الوحيد نحو سلام دائم”. وأوضح أن واشنطن ستواكب التنفيذ لضمان ترجمة التعهدات إلى وقائع ملموسة، معتبرًا التزام إسرائيل شرطًا أساسيًا لإنجاح أي مسار تفاوضي.
البُعد الاقتصادي كان حاضرًا بقوة. فقد كشف باراك عن مبادرة أميركية – أوروبية لإطلاق برنامج دعم شامل يشمل إعادة إعمار البنى التحتية المدمّرة، وتنشيط الاستثمارات في قطاعي الطاقة والمرافئ، إلى جانب مساعدات مباشرة للجيش اللبناني لتعزيز دوره كضامن وحيد للأمن. وفي بروكسل، رحّب الاتحاد الأوروبي بالخطة اللبنانية وعدّها مدخلًا ضروريًا لإعادة التوازن إلى شرق المتوسط.
لكن التحديات تبقى مرتبطة بمدى تفاعل الإقليم. فالمبادرة اللبنانية – الأميركية لا يمكن أن تنجح من دون مظلة دولية تضمن التزامات متوازية من جميع الأطراف. إسرائيل مطالبة بخطوات عملية، وسوريا مدعوة إلى تسهيل أي تفاهم حدودي، فيما يترقب الداخل اللبناني مسار الحوار مع “حزب الله” في إطار وطني جامع. الرئيس عون شدّد أمام باراك أن الحل النهائي يجب أن يقوم على شراكة داخلية متينة مدعومة بشرعية عربية ودولية، معتبرًا أن أي مسار ناقص سيبقي لبنان عرضة للاهتزاز.
زيارة باراك إلى بيروت لم تكن عابرة، بل رسالة واضحة بأن العالم يضع ثقته برؤية الرئيس عون. إنها لحظة فاصلة: إمّا أن تتحوّل المبادرة إلى مسار مستدام من السيادة والتنمية، أو يخسر لبنان مجددًا فرصة تاريخية لصياغة مستقبله على أسس الدولة الواحدة والقرار الواحد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() جولة لاريجاني… قراءة إيرانية للمشهد اللبناني | ![]() السلاح تحت سلطة الدولة؟ | ![]() بالنسبة لبكرا… ما عاد في زياد |