“التيار” يُراكم خساراته السياسية ويرسم مستقبله بعيدًا عن “الحزب”

سيكون لهذا الانفصال أثر واضح في التحالفات الانتخابية المقبلة. فبعد أن كان “التيار” وعلى مدى سنوات ماضية يعتمد على ماكينة انتخابية مدعومة بغطاء سياسي وشعبي من “الحزب”، سيجد نفسه مضطرًّا لخوض المعارك المقبلة بقدراته الذاتية.
كتبت إليونور اسطفان لـ”هنا لبنان”:
بعد سنوات من التردّد، حسم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، قراره بالانفصال عن حزب الله. هذه الخطوة، وإنْ جاءت بعد كثير من الأخذ والردّ، حملت طابعًا باهتًا ولم تُحسب له على أنَّها قرار جريء أو مواجهة سياسية فعلية.
فبعد تحالفٍ شكّل ركنًا أساسيًا في المشهد السياسي اللبناني، بدأ مشهد الانفصال بين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وحزب الله يترسّخ أكثر فأكثر. هذا الطلاق السياسي الذي كان يُقرأ منذ أشهر في خطاب باسيل التصعيدي تجاه الحزب، جاء اليوم ليؤكّد انهيار “تفاهم مار مخايل” الذي وُلد عام 2006 كأحد أبرز التحالفات في لبنان ما بعد الحرب.
فالعلاقة بين الطرفَيْن لم تَعُدْ كما كانت. باسيل الذي استفاد في بداياته من دعم حزب الله للوصول إلى مواقع القرار، وجد نفسه في السنوات الأخيرة على هامش التحالف، بعدما شعر بأن الحزب لم يقدّم له التغطية السياسية الكافية، خصوصًا في معركة رئاسة الجمهورية. أمّا حزب الله، فقد اعتبر أن التيار الوطني الحرّ تخلّى تدريجيًا عن التزاماته، وبدأ بالتمايز في الملفات الجوهرية، من ترسيم الحدود البحرية إلى ملف السلاح.
انفصال باسيل عن حزب الله لا يعني فقط سقوط “التحالف الاستراتيجي”، بل يترتّب عليه خسائر سياسية وشعبية للتيار لعلّ أبرزها على الإطلاق خسارة الغطاء الشيعي خصوصًا أن الحزب كان صمّام أمان لباسيل في البيئة الشيعية، ما ضمن له دعمًا في معارك البرلمان والحكومة، هذا فضلًا عن أنّ باسيل لم ينجح بعد في بناء تحالفٍ بديلٍ متماسكٍ كونه “لم يترك له صاحب” على الساحة السياسية.
وبالتّالي فإنّه وعلى المدى القريب، سيكون لهذا الانفصال أثر واضح في التحالفات الانتخابية المقبلة. فبعد أن كان “التيار” وعلى مدى سنوات ماضية يعتمد على ماكينة انتخابية مدعومة بغطاء سياسي وشعبي من “حزب الله”، سيجد نفسه مضطرًّا لخوض المعارك المقبلة بقدراته الذاتية، ما يضعه أمام امتحان سياسي وشعبي شديد الصعوبة.
في المقابل، يجد حزب الله بدوره نفسه يخسر حليفًا مسيحيًّا شكّل له غطاءً وطنيًا في وجه الانتقادات الداخلية والخارجية. أمّا الساحة المسيحية فتشهد إعادة خلط أوراق قد تُعيد الاعتبار إلى ثنائية “القوات – الكتائب” في مقابل تيارٍ يترنّح.
في المحصّلة، انفصال باسيل عن حزب الله أخرج التيار الوطني الحر خاسرًا على أكثر من مستوى، فيما يقف رئيسه أمام تحدي إعادة تعريف موقعه في اللعبة السياسية، فهو وإن فتح أبوابًا جديدة، إلّا أنّه أغلق أبوابًا أوسع، ليدخل مرحلة اختبارٍ حقيقيّ ستكشفه نتائج الانتخابات المقبلة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() زيارة باراك وأورتاغوس تتأرجح بين الدعم لقرارات الحكومة والضغط لتغيير قرار التمديد لليونيفيل | ![]() “الحزب” يتلقى الضربات وحيدًا… الجميع تخلّى عنه | ![]() بين لاريجاني وباراك… خطابان متناقضان إمّا السيادة أو التبعية |