جولة خاصة لـ”هنا لبنان” داخل عين الحلوة… وتفاصيل عن أخطر توقيف أمني هذا الأسبوع!

من يحمل السلاح داخل المخيمات اليوم ليس مقاوماً كما يدّعي البعض، بل “لاجئ” مأجور ينفذ تعليمات الخارج على حساب دمّ الداخل، ومن يبرّر بقاء هذا السلاح تحت راية فلسطين، فإنه يخون فلسطين أولاً، فكما لا شرعيّة لسلاح “الحزب” خارج سلطة الدولة، لا شرعية أيضاً لبندقيّة فلسطينيّة تتستّر بالمقاومة، وهي تزرع الفوضى وتبث الإرهاب
كتبت كارين القسيس لـ”هنا لبنان”:
في مخيم الطوارئ المحاذي لمخيّم عين الحلوة، لم يعد السلاح رمزاً للمقاومة أو دفاعاً عن القضيّة الفلسطينيّة وحق العودة، بل تحوّل إلى أداة تدمير تستهدف الفلسطينيين أنفسهم والجيش اللبناني، في تآمر مستمر يختلط فيه الدّم الفلسطيني بالدّم اللبناني تحت رايات مزيفة يختبئ خلفها الإرهاب والتكفير.
هذا المخيم، الذي كان من المفترض أن يُزال، وكان على الدولة اللبنانية أن تبسط سلطتها عليه، تحوّل اليوم إلى قاعدة لميليشيات مأجورة تعمل وفق أجندات إقليمية تهدف إلى تقويض الأمن اللبناني وطمس الهوية الفلسطينية، كل ذلك يجري وسط صمت مريب من السلطة السياسيّة اللبنانيّة، وتواطؤ واضح من جهات إقليميّة، لذلك، بات من الضروري أن تضع الحكومة ملف تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية على رأس أولوياتها، تفادياً لإغراق الجنوب بالدّم والخراب، باسم “مقاومة” لم تعد سوى كذبة مفروضة.
خلال جولة ميدانيّة خاصة قامت بها “هنا لبنان” داخل مخيّم عين الحلوة، نظراً لعدم قدرتنا على دخول مخيم الطوارئ، وبالتواصل المباشر مع شخصيات فلسطينية بارزة، ظهرت معطيات صادمة تُثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن ما يُطلق عليه اسم “السلاح الفلسطيني” في بعض مناطق المخيم، لم يعد مرتبطاً لا بمشروع وطني، ولا بفصائل مقاومة، بل صار سلاحاً مأجوراً في قبضة جماعات متشدّدة تعمل بأوامر خارجيّة، وتخضع لأجندات لا تمت بصلة لا لفلسطين، ولا لشعبها، ولا لحق العودة.
وبمعنى آخر، فإنّ هذا الملف تُحرّكه تعليمات من غرف عمليات عابرة للحدود، لا تعترف لا بقضيّة، ولا بدولة، بل تنشط في التخريب والتفجير، وتغذي الصراع الداخلي، خدمةً لمشروع إقليمي واضح المعالم.
وبحسب مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، فإنّ هذا السلاح هو نفسه الذي اغتال العميد أبو أشرف العرموشي، قائد الأمن الوطني في صيدا، في الثاني من آب 2023، وهو السلاح ذاته الذي أشعل الاشتباكات المتكررة التي أحرقت مخيم عين الحلوة، وأرعبت مدينة صيدا، وقتلت عناصر من حركة “فتح”، ونكّلت بجنود الجيش اللبناني، وخططت لتفجيرات كانت كفيلة بغمر الجنوب بالدماء.
ذلك المصدر، وبلغة يملؤها الغضب، تساءل: عن أي مقاومة نتحدث؟ وهل يعقل أن نقايض دماء الجيش اللبناني واستقرار الجنوب بشعارات جوفاء تصدر عن قيادات تختبئ في الشقق أو الأنفاق، وتتاجر بالصواريخ المخزنة كما لو كانت أوراق تفاوض أو أدوات للابتزاز السياسي؟
ويُشير إلى أنّ الواقع الأمني في مخيمات الطوارئ يُنبئ بالخطر، حيث تتحرك جماعات مثل “جند الشام” و”الشباب المسلم” خارج نطاق القانون، من دون تدخل فعلي من الأجهزة الأمنية الفلسطينية أو اللبنانية، مؤكداً أنّ هناك تنقلاً للأسلحة والأموال، وتدريبات تُهدد استقرار الجنوب اللبناني، وسط صمت مخيف يثير التساؤلات حول وجود شبكة أنفاق تحت الأرض تسهل حركة المسلحين.
ويكشف المسؤول الفلسطيني لـ”هنا لبنان” أنّه في تطور لافت، تمكّن الجيش اللبناني، في عمليّة نوعيّة نُفذّت قبل أيام، من توقيف اثنين من أخطر قيادات “الشباب المسلم”، وهما نمر عيسى وأشرف حمد، عند مدخل مدينة صيدا، حيث عُثر بحوزتهما على أموال ومعلومات تؤكد حجم الخطر الكامن، وتمويل خلايا نائمة داخل المخيم، ومخططات لاستهداف قوات “اليونيفيل”، وتحضيرات لتفجير مدينة صيدا.
ويُضيف، أنّ هذين العنصرين ليسا مجرّد متطرفين عاديين، بل عادا من العراق وسوريا بعد أن قاتلا تحت راية “القاعدة”، ليستأنفا نشاطهما التخريبي من داخل مخيم الطوارئ.
المعطيات لا تتوقف هنا، فمنذ أسابيع تمّ الكشف أيضاً عن شقة في منطقة الزهراني تابعة لعناصر من “حماس”، تحتوي على صواريخ معدة للاستعمال، وقبل ذلك في الأردن أوقفت خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، تبيّن أنها تلقت تدريبات في معسكرات داخل الأراضي اللبنانية.
واللافت، بحسب المسؤول، أنّ العهد الجديد مختلف تماماً عن العهد السابق في موضوع المداهمات وإلقاء القبض على منظمات إرهابيّة، واصفاً المشهد كما لو أنّ القرار السياسي قد اتُخذ لمنع تمّدد أي منظمة إرهابية، مشدداً على أنّ السلاح الفلسطيني سيُسلّم أيضاً، إلاّ أنّ “هنا لبنان” علمت أنّ اجتماعاً سرياً جرى مؤخراً بين أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، وكل من “حزب الله”، و”حماس”، و”الجهاد الإسلامي”، تمّ خلاله الاتفاق على عدم تسليم سلاح المخيمات الفلسطينية، بهدف بقاء هذا السلاح كورقة ضغط إضافيّة في وجه المطالبات الداخليّة والدوليّة بنزع سلاح “حزب الله”، بحيث لا يُستفرد بسلاح الضاحية، وتُقدَّم المخيمات مجدداً كجدار صدّ متقدم في معركة لا تخصّها.
في المحصلة، ومن دون لفّ أو دوران، دعونا نقول الأمور كما هي: “من يحمل السلاح داخل المخيمات اليوم ليس مقاوماً كما يدّعي البعض، بل “لاجئ” مأجور ينفذ تعليمات الخارج على حساب دمّ الداخل، ومن يبرّر بقاء هذا السلاح تحت راية فلسطين، فإنه يخون فلسطين أولاً”، فكما لا شرعيّة لسلاح “حزب الله خارج سلطة الدولة، لا شرعية أيضاً لبندقيّة فلسطينيّة تتستر بالمقاومة، وهي تزرع الفوضى وتبث الإرهاب، وبالتالي، من يخشى المطالبة بنزع هذا السلاح بحجة “الفوضى”، فليعلم أنّ الصمت أخطر، وأنّ التواطؤ أقذر، وأنّ التخاذل خيانة… هذا السلاح لم يعد “سلاح مقاومة” بل صار خنجراً مغروساً في خاصرة الجيش اللبناني، وتركه من دون حسم هو دعوة صريحة لانفجار كبير.
فلتحسموا أمركم: إمّا دولة بسلاح واحد… أو لا دولة على الإطلاق!