التمديد لليونيفيل بين الاستقرار والمخاطر الخفيّة: هل يتحوّل الجنوب إلى ساحة قوات متعدّدة الجنسيات؟

لبنان، الذي ينتظر التصويت في مجلس الأمن على قرار التمديد لليونيفيل، بدأ التحرك الدبلوماسي منذ فترة، إلّا أنّ هذا الأمر لا يزال خجولًا وغير فعليّ على الأرض، ما يترك المجال واسعًا للمندوب الإسرائيلي لإقناع الدول الأعضاء بالطرح الإسرائيلي، والذي بدأ وزير خارجيتها جدعون ساعر التسويق له
كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:
منذ أكثر من أربعة عقود، ترابط قوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان بقرار من مجلس الأمن الدولي، لتواكب وقف الأعمال العدائية، وتدعم الجيش اللبناني في مهامّه، وتشكّل مظلّةً أمميةً لاحتواء التوتّرات المتكرّرة مع إسرائيل. ومع كل عامّ، يُطرح السؤال نفسه: هل سيُمدَّد لهذه القوة أم أنّ مصيرها بات على المحك؟
اليوم بتنا على بعد أيام قليلة من موعد جلسة في مجلس الأمن المخصّصة للتمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان اليونيفيل. وحتّى الآن لا تزال الصورة ضبابيةً حول كيفية التعامل مع هذا الملف، خصوصًا في ظلّ الضغط الإسرائيلي لعدم التجديد لهذه القوات، بينما هناك اتجاه في أميركا لعدم الالتزام بالميزانية وتقليصها، في حين قدّمت فرنسا مشروع قرار إلى مجلس الأمن بالتمديد عامًا واحدًا مع تعديل في مهامّ القوات الدولية.
ولكن بعيدًا عن القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، ماذا عن دور لجنة المراقبة التي أوكلت إليها مهام المراقبة جنوب لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته كلّ من أميركا وفرنسا لوقف الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان؟
تشير مصادر سياسية متابعة عبر “هنا لبنان” إلى إمكانيّة أن يتم تعديل عمل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، لتصبح هي صاحبة القرار الفعلي، وهي التي تتولّى توجيه الجيش في التحرك باتجاه شمال الليطاني، طالما أن اليونيفيل، إذا لم يتمْ تعديل صلاحياتها، هي غير قادرة على التحرّك في شمال نهر الليطاني.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أنّ إسرائيل طرحت قبل فترة فكرة إدخال قوات مُتعدّدة الجنسيات بدلًا من قوات اليونيفيل، ولكنّ هذا الخيار لا يزال غير ناضجٍ لأنّه يحتاج إلى قرارٍ من مجلس الأمن، وهو غير متاح حتّى الآن، خصوصًا أن روسيا والصين غير متحمّستَيْن لذلك.
لبنان، الذي ينتظر التصويت في مجلس الأمن على قرار التمديد لليونيفيل، بدأ التحرك الدبلوماسي منذ فترة، إلّا أنّ هذا الأمر لا يزال خجولًا وغير فعليّ على الأرض، ما يترك المجال واسعًا للمندوب الإسرائيلي لإقناع الدول الأعضاء بالطرح الإسرائيلي، والذي بدأ وزير خارجيتها جدعون ساعر التسويق له.
في المقابل، تعتبر أوساط معارضة أنّ هذا الاحتمال ليس مجرّد سيناريو نظري. في ظلّ الانقسامات داخل مجلس الأمن، وضغط الدول المانحة، قد تُطرح بدائل خارج المظلّة الأمميّة، تشمل مشاركة جيوش غربية أو إقليمية تعمل مباشرة على الأرض، بغطاء أمني لا سياسي. وهنا يكمن الخطر: فبدل قوة دولية محكومة بقرار أممي (1701)، يُصبح الجنوب تحت رحمة قوة “انتقائية” تتحرّك وفق مصالح الدول المشاركة، لا وفق معايير الشرعية الدولية، ما يعني فعليًا إدخال وصاية جديدة على لبنان، تُقزّم دور الدولة وتُضعف موقفها التفاوضي، ويُهدّد بتحويل الجنوب إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين “حزب الله” وقوات أجنبية، ما يجرّ البلاد إلى صداماتٍ أكبر من قدرته على الاحتمال، كما يفقد لبنان الورقة التي طالما شكّلت مظلّته الدولية، ليصبح جزءًا من لعبة أمم مكشوفة بلا غطاء قانوني يحميه.
إذًا، بات التمديد لليونيفيل ليس مجرّد آلية لتسيير الأمور، بل هو صمّام أمان يمنع انزلاق الجنوب نحو خياراتٍ أكثر خطورة. فالقوة الدولية الحالية، مهما قُيّد عملها أو طالتها الانتقادات، تبقى محكومةً بغطاء قانوني أممي، وهو ما يميّزها عن أي قوة بديلة قد تتصرّف وفق أجندات سياسية متضاربة.