“طرقات الموت” تحصد 44 قتيلًا في آب… من يتحمّل المسؤولية؟


خاص 22 آب, 2025

 

المسؤولية تتحمّلها الوزارات المعنية التي تُعنى بتأهيل الطرقات وضبط الوضع على الأرض وتطبيق القانون وتحرير محاضر ضبط للمخالفين الذين يتجاوزون الإشارة الحمراء أو السرعة أو يسيرون عكس السير، إلى جانب إنارة الطرقات والأنفاق وتحسين الطرقات وتزفيتها التي يجب أن تكون في طليعة اهتمامات المسؤولين

كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:

يكاد لا يمرّ يوم في لبنان من دون تسجيل حوادث سير ووقوع ضحايا، وقد سجّل شهر آب وحده حتى ساعة كتابة هذا التقرير أكثر من 44 قتيلًا، وفق ما أعلنته جمعية الـ”يازا” (YASA). هذا الرقم الصادم جعل تلك الجمعية التي تُعنى بالسلامة المروريّة تدقّ ناقوس الخطر لإيجاد حلّ فوري وعاجل، لأنّه إذا استمرّ الوضع على هذا المنوال قد يتخطّى عدد قتلى حوادث السير في لبنان في العام 2025 الـ 900 قتيل.

اتّسمت طبيعة حوادث السير في الأشهر الأخيرة بوقائع غير مألوفة، كثيرة منها وقعت بين شاحنات وصهاريج وبسبب أفضلية مرور أو مخالفة سائقي الدراجات النارية، فيما اصطدمت سيارات عدّة بمحال تجارية بعدما فقد سائقوها السيطرة عليها، وانقلبت سيارات أخرى على الطرقات الساحلية والجبلية، وتعدّدت حوادث الصدم على الطرقات العامة والأوتوسترادات. وفيما لم ترتبط أسباب تلك الحوادث بظروف مناخية (رداءة طقس أو سوء رؤية)، يبدو أن السرعة الزائدة وانعدام الرقابة وانتشار السيارات المتهالكة والدراجات النارية المخالفة، إلى جانب سوء صيانة الطرق وانعدام الإنارة، كانت وراء تلك “المجازر المرورية”.

غياب تطبيق القانون
وللوقوف على الأسباب الحقيقية وراء الارتفاع الملحوظ لحوادث السير في لبنان، أشار مؤسس “إليازا” الدكتور زياد عقل لـ “هنا لبنان” إلى أنّ الأسباب المباشرة لارتفاع حوادث السير في لبنان تعود لغياب تطبيق القانون، وانعدام دوريات الدرك وتقاعس عناصر الشرطة البلدية عن تطبيق النظام. وقال: “نحن كـ “يازا” تواصلنا مع وزير الداخلية وطلبنا تطبيق قانون السير لأننا نرى ذلك غاية في الأهمية”، لافتًاً إلى “أننا بحاجة لصيانة الطرقات بشكل أفضل ضمن النطاق البلدي أو العام”. وأضاف: “بصراحة وللأسف السلامة المرورية في البلد ليست أولويةً، هذا ما يخسّرنا أرقامًا قياسيةً من الضحايا، نتكلّم عن 44 وفاة حتى تاريخه في شهر آب وحده، إضافة إلى الجرحى الذين ربّما يتوفى بعضهم في وقتٍ لاحقٍ ليصبح العدد الحقيقي أكبر. اجتمعنا مع وزير الصحة وطلبنا أن تصدر الأرقام الرسمية عن المستشفيات لأنّه في كلّ دول العالم الإحصاءات التي تصدر عن المستشفيات تكون أكثر دقة”.

الحلّ مشترك
ورأى د. عقل أنّ الحلّ يجب أن يكون مشتركًا بين الجميع، “إذ يجب أن يكون التصدّي لهذه المشكلة من قبل عدد كبير من الجهات: قوى الأمن الداخلي، مجلس النواب، لجنة الأشغال العامة والنقل فالأخيرة في السنوات السبع الأخيرة لم تقم بدورها الرقابي”، داعيًا “القضاة إلى التشدّد أكثر بحقّ سارقي أغطية “الريغارات” والممتلكات العامة الطرقيّة، وإلى إصدار أحكام مشدّدة بحقّ مرتكبي حوادث السير ومن يُعرّضون حياة الناس للخطر خاصةً أولئك الذين يقودون سياراتهم بسرعة و”يشفّطون” بين الناس”.
وسلّط مؤسس “اليازا” الضوء على تفاقُم مشكلة الدراجات النارية التي لا يلتزم أصحابها بالنظام ويسيرون عكس السير، وجزء كبير منهم لا يملكون الأوراق القانونية ولا خوذًا واقيةً ما يزيد من مخاطر حصول الحوادث.

وفيما يتعلّق بالمعاينة الميكانيكية، رأى عقل “أنّ الوزير السابق ارتكب خطأً جسيمًا عندما أوقف العمل بها بالكامل”، وطالب بعودة المعاينة الميكانيكية الإلزامية مع مراعاة الأصول ومن دون أي خلل، لافتًا إلى “أنّ إجازة السوق الحالية الموجودة في لبنان قديمة ولا تتمتّع بالصفات المطلوبة لناحية جدارة الأشخاص قبل حصولهم عليها. كلّ هذه القضايا مجتمعة تنتج فارقًا وتؤمّن قيمة لحياة الإنسان وعلينا أن نتعلّم من تجارب الدول الأخرى للتخفيف من حوادث السير التي نخشى أن تتجاوز الـ 800 أو 900 قتيل في لبنان إذا بقيت الأمور على ما هي عليه”.

طرقات الموت
وأوضح مصدر أمني لـ “هنا لبنان” أن حلّ معضلة حوادث السير في لبنان يحتاج إلى علاج جذري لمسألة الطرقات التي تفتقر إلى الإنارة والتخطيط وإلى مناهل الصرف الصحي (المسروقة) فيما تزداد فيها الحفر والمطبّات والمخالفات لقانون السير التي يتقاسمها سائقو الدراجات النارية والسيارات الخصوصية.

وحمّل المصدر المسؤولية للوزارات المعنية التي تُعنى بتأهيل الطرقات وضبط الوضع على الأرض وتطبيق القانون وتحرير محاضر ضبط للمخالفين الذين يتجاوزون الإشارة الحمراء أو السرعة أو يسيرون عكس السير، معتبرًا أنّ إنارة الطرقات والأنفاق وتحسين الطرقات وتزفيتها يجب أن تكون في طليعة اهتمامات المسؤولين، ناهيك عن ضرورة تأهيل وبناء جسور جديدة للمشاة، كاشفًا أنّ إنجاز ذلك لا يمكن أن يتم من دون الحصول على التمويل اللازم. وأكّد المصدر “أن المسؤولية مشتركة وأن التحلّي بالوعي اللازم ضروري من قبل المواطنين الذين يتوقون للقيادة السليمة، لكن في المقابل عليهم أن يحترموا القانون ورجل الأمن تمامًا كما يفعلون خارج لبنان، داعيًا إلى تشديد الرقابة على الطرقات لحماية أرواح الشباب الذين يخطفهم الموت على الطرقات بدل أن تكون الأخيرة نقطة عبور إلى مكان آمن”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us