“الموقوفون والكبتاغون على الطاولة”: وفد سوري في بيروت الخميس لحسم ملفات الحدود


خاص 27 آب, 2025

 

لبنان وسوريا أمام لحظة اختبار جدّية قد تحدّد شكل العلاقة بينهما في المرحلة المقبلة. فنجاح الزيارة سيُقاس بخطواتٍ ملموسةٍ تتمثّل بإنشاء لجان مشتركة بمهلٍ محدّدةٍ، فيما سيعني الفشل إبقاء الملفات عالقة في دائرة المساومات السياسية والإقليمية.

كتب جو أندره رحال لـ”هنا لبنان”:

الخميس 28 آب، تستقبل بيروت وفدًا سوريًا رفيع المستوى يضمّ ممثلين عن وزارات الداخلية والدفاع والخارجية والعدل وضباطًا من الأجهزة الأمنية، في زيارةٍ هي الأرفع منذ سنوات. الوفد سيجتمع مع لجنةٍ وزاريةٍ لبنانيةٍ برئاسة نائب رئيس الحكومة، وسط ترقّبٍ واسعٍ لما تحمله اللقاءات من إمكانيّة فتح الملفات العالقة وتحويلها إلى خطوات عملية طال انتظارها.

يتصدر ملفّ الموقوفين السوريين جدول الأعمال، حيث تُقدَّر أعدادهم بأكثر من 2500 شخص في السجون اللبنانية، بينهم نحو 800 موقوف لأسبابٍ أمنيةٍ وقضايا مرتبطة بالإرهاب. تقارير حقوقية لبنانية وسورية أشارت إلى ظروف احتجاز صعبة، بعضها وصل إلى مستوى سوء المعاملة، وقد طالبت منظمات حقوقية بأن يُرافق أي اتفاق لتسليم الموقوفين إلى دمشق إطار قضائي واضح وضمانات إنسانية. أحد المحامين الحقوقيين لخّص الموقف بالقول: “لا يمكن للتسويات السياسية أن تمرّ فوق العدالة”.

وفي موازاة ذلك، يشكّل ترسيم الحدود وضبط المعابر ملفًا محوريًا في المحادثات، إذ تشير التقارير الأمنية اللبنانية والدولية إلى أنّ الحدود المشتركة تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى ممرٍّ أساسيّ لعمليات التهريب، لا سيما تجارة الكبتاغون التي أصبحت من أبرز تحدّيات الأمن في المنطقة. وتُشير المعلومات المتقاطعة إلى أنّ الاجتماعات ستبحث إنشاء لجان تقنية مشتركة بإشراف خبراء دوليين، ضمن ما يُعرف بـ”الورقة الأميركية” التي تحظى بدعم سعودي وأميركي وفرنسي، والهادفة إلى تعزيز التعاون الأمني ومكافحة التهريب.

أمّا ملف النازحين السوريين، فسيكون حاضرًا بدوره على الطاولة، حيث يسعى لبنان إلى بلورة خطة عودةٍ تدريجيةٍ ومنظمةٍ للتخفيف من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية، في حين تصرّ المنظمات الدولية على ضرورة توفير الضمانات الأمنية والإنسانية للعائدين. مصدر رسمي لبناني أكد أنّ “العودة الآمنة لا يمكن أن تتمّ من دون تفاهم مباشر مع دمشق، لكن ضمن التزامات واضحة مع المجتمع الدولي”.

وتأتي هذه الزيارة أيضًاً في ظلّ رعاية سعودية متصاعدة منذ توقيع اتفاق جدة الأمني في آذار الماضي بين وزيرَيْ دفاع البلدَيْن، ما يعكس رغبةً عربيةً في تحويل الملفات من عناوين سياسية إلى اتفاقات عملية، كما تتقاطع مع ضغوط أميركية وأوروبية متزايدة لوقف التهريب وضبط الحدود.

وبالتالي، لبنان وسوريا أمام لحظة اختبار جدّية قد تحدّد شكل العلاقة بينهما في المرحلة المقبلة. وباختصار، فإنّ نجاح الزيارة سيُقاس بخطواتٍ ملموسةٍ تتمثّل بإنشاء لجان مشتركة بمهلٍ محدّدةٍ، ورسم خريطة طريق قضائية لمعالجة ملف الموقوفين، والتوصّل إلى تفاهمات أمنية لضبط الحدود ووقف تجارة الكبتاغون. فيما سيعني الفشل إبقاء الملفات عالقة في دائرة المساومات السياسية والإقليمية بانتظار جولةٍ جديدةٍ من الوساطات.

بيروت، إذًا، على موعدٍ الخميس مع امتحان دبلوماسي وأمني حاسم قد يفتح صفحةً جديدةً في العلاقة مع دمشق، أو يُعيد إنتاج حلقةٍ جديدةٍ من الانتظار الطويل.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us