موازنة 2026: زيادة الضرائب أم استدامة الإصلاح؟

ترجمة هنا لبنان 1 أيلول, 2025

كتبت Liliane Mokbel لـ“This Is Beirut”:

ينتظر اللبنانيون وعدًا جديدًا في العام 2026: موازنة بلا عجز حسب وزير المالية، وهذا يعني التوازن بين الإيرادات والنفقات. الفكرة تبدو عظيمة للوهلة الأولى، ولكن ما هي الأثمان المترتبة على إنقاذ الاقتصاد؟ ومن الذي سيتكبد التكاليف؟ الإجابة المرتقبة قريباً، قد تثقل جيوب الأسر اللبنانية في حال فرضت ضرائب ورسوم جديدة.
مسودة المشروع وصلت إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بانتظار الإحالة إلى البرلمان في تشرين الأول ضمن المهل الدستورية، حيث سيخوض النواب نقاشًا قبل التصويت عليها.
وتحاول الحكومة برهنة جدّيتها في فرض انضباط مالي أكبر من خلال التعهد بإقفال حسابات الأعوام 2021 و2022 و2023 و2024 قبل نهاية العام.
ومع ذلك، في ظل الانهيار المالي غير المسبوق في لبنان، يطفو تحدٍ أكثر تعقيداً مع التحضير لموازنة 2026: فهل يُبنى المشروع على الضرائب السريعة وسهلة الجباية حتى ولو خنقت الاستهلاك وأضعفت السوق أكثر فأكثر؟ أم يعتمد إصلاحات مالية أعمق وكفيلة بحماية القدرة الشرائية للأسر اللبنانية ولو بدت أصعب سياسيًا وإداريًا؟

تجارب سابقة.. نتائج متباينة
المواطنون يأملون من الوزير ياسين جابر تجنب القرارات الضريبية السريعة. وذلك تفادياً لتجارب سابقة خير مثال عليها، تجربة ضريبة المحروقات الأخيرة التي أُقرت في 29 أيار قبل تجميدها في مجلس شورى الدولة في 15 تموز. فعلى الرغم من أنّ هذه الضريبة جلبت للدولة نحو 30 مليون دولار خلال أسابيع قليلة، رفعت أسعار الطاقة وكلفة النقل وأثقلت كاهل الأسر. وهنا تتضح المعضلة الأساسية: هل يتمحور تركيز الحكومة حول ملء خزينة الدولة أم الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين؟ وبالتالي، لا بد من إصلاح النظام الضريبي الحالي الذي يفتقر حسب رأي الناس للعدالة والفعالية.

الضريبة على القيمة المضافة والضرائب التصاعدية
يعتمد النظام الضريبي في لبنان بشكل أساسي على الضريبة على القيمة المضافة، أي ضريبة الاستهلاك المفروضة على الجميع بالتساوي، بغض النظر عن مستواهم الاقتصادي، سواء كانوا فقراء أم أغنياء. وفي المقابل، يضع غياب الضرائب التصاعدية الفعلية على الدخل والثروة والأرباح الكبيرة الأغنياء خارج دائرة المساهمة العادلة.
وفي هذا السياق، يقتضي الإصلاح العميق فرض ضرائب على الدخل والأصول الكبرى، بشكل يرفع إيرادات الدولة ويخفف الضغط عن الطبقات المتوسطة والفقيرة، دون المساس بالاستهلاك أو الاستثمار.
وبدلاً من رفع الضرائب على السلع الأساسية، يمكن للدولة التركيز على الكماليات: السيارات الفارهة واليخوت والطائرات الخاصة والفنادق الفخمة أو تذاكر السفر في الدرجة الأولى. وهذا النهج يجعل النظام الضريبي أكثر عدالة للجميع كما لا يطال سوى أقلية صغيرة جداً من الأثرياء القادرين على تحمّل هذه الرسوم دون التأثير على نمط حياتهم.

استعادة الإيرادات العامة
الدولة اللبنانية بحاجة لإدارة أملاكها ومؤسساتها العامة بشكل أفضل. وهذا يعني البحث عن ضرائب جديدة، عوضاً عن التركيز حصرًا على الموارد المتوفرة لديها. على سبيل المثال، تسمح الإدارة الفعالة لأملاك الدولة والقطاعات العامة بتأمين أموال طائلة دون تحميل الناس أي أعباء إضافية. وعلى سبيل المثال، شكل قطاع الاتصالات مصدراً رئيسياً للخزينة، لكنه تراجع بسبب التهرب والشفافية المفقودة. ويمكن تأمين ما بين 50 و100 مليون دولار على المدى القصير إن تمت معالجة هذه الثغرات. كذلك بالنسبة للقطاع البحري: قد يؤمن 30 إلى 50 مليون دولار سنوياً في حال تم تنظيم الاستخدام غير الشرعي ورفع الرسوم لتتماشى مع الأسعار الواقعية.

غياب العدالة المالية
في لبنان، لا تعدو الموازنات العامة مع الأسف كونها أكثر من حصالة للمواطنين أو جرد للحسابات الروتينية، لا خططاً اقتصادية استراتيجية بعيدة المدى. وبدلاً من أن تكون أداة للنمو والتنمية، تحوّلت إلى أداة لزيادة ضرائب تثقل كاهل الناس وتغفل الإصلاحات الهيكلية الضرورية لإصلاح جذور الخلل في مؤسسات الدولة. أما العدالة الضريبية الحقيقية فلا تقتصر على مجرد توزيع الأعباء.. بل هي شرط أساسي لبقاء المالية العامة وترسيخ ثقة المستثمرين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us