حوار برّي مخرج للحل أم هروب إلى الأمام؟

تأتي دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للحوار كضربة السيف في الماء، لزوم ما لا يلزم بهدف الهروب إلى الأمام.. ومن البديهي أن يبدأ إلى حوار من حيث انتهت الجلسات السابقة، فعن أي حوار نتكلم وأي هدف سنحقق من خلاله، وهل حافظ “الحزب” على سمعته في الالتزام بمقررات الحوار السابقة؟.. قطعًا لا..
كتب بشارة خيرالله لـ”هنا لبنان”:
بقدر ما هي جميلة كلمة “حوار”، بقدر ما تبدو مقززة عند ربطها بـ”حزب طهران في لبنان”.. مع من نتحاور وهل يمكن أن ننسى المثل الشهير: “من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب”؟..
ففي العام 2006 ترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري شخصيًا طاولة الحوار الوطني في حضور كل أركان البلاد بمن فيهم السيد حسن نصرالله، الذي وعدهم بصيف مزدهر، قبل أن ينفذ “حزبه” عملية قتل وخطف عسكريّين إسرائيليّين، أدت إلى حرب ضروس أجهزت فيها إسرائيل على كل شيء وأعادت لبنان سنوات إلى الوراء.. ماذا فعل “حزب لو كنت أعلَم؟”.. أعاد تجهيز نفسه لحرب أخرى تاركًا لبنان يتخبط في اقتصاده المدمّر.
وفي العام 2008 وبعد تخوين “رئيس حكومة المقاومة” فؤاد السنيورة، وبعد اغتصاب بيروت في السابع من أيار غير المجيد، وبعد اتفاق الدوحة الساعي إلى وقف تعطيل المؤسسات، شكّل رئيس الجمهورية المنتخب العماد ميشال سليمان هيئة الحوار الوطني التي ضمت جميع القوى حتى المجتمع المدني.. وبعد جلسات طويلة مضنية، توصل المتحاورون إلى “إعلان بعبدا” الداعي إلى إعلاء شأن التخاطب إلى مستوى يليق بالبلاد، والداعي أيضًا إلى تحييد لبنان عن صراعات المحاور.. ماذا فعل “حزب الله”؟.. ضرب مقررات هيئة الحوار بعرض الحائط وأرسل “جيشه” إلى سوريا خلافًا لرأي السواد الأعظم من اللبنانيين وخلافًا لرأي رئيس الجمهورية ورأي مجلس الوزراء، وقال جملته الشهيرة: “هذا الحوار لا يساوي الحبر الذي كُتِب فيه.. بلّوا إعلان بعبدا واشربوا ميّتو”.
لم يتراجع رئيس الجمهورية عن فكرة حصر السلاح بيد الدولة، وجدد الدعوة لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية للاستفادة من قدرات “المقاومة” مرحليًا، ريثما يتم تسليح الجيش، وكلنا يذكر هبة الـ3 مليار التي رصدتها المملكة العربية السعودية لتسليح الجيش، وهبة المليار كاش لشراء الذخائر والأعتدة اللازمة.. كيف رد “حزب الله”؟ شن حملة ضروس على “آل سعود” هدفها الأساسي شتم المملكة وتجميد الهبة.. ويا للصدفة: سقطت صواريخ “مجهولة المصدر” في محيط القصر الجمهوري ردًا على إصرار الرئيس ميشال سليمان لإقرار الاستراتيجية الدفاعية وحصر السلاح بيد الدولة.
“حزب الله” أخذ على عاتقه إفشال ولاية حليفه الرئيس ميشال عون من خلال أخذ البلاد إلى “جهنم” كما سبق أن قال الرئيس عون.. وللعلم: عندما بدأت حرب الإسناد، أرسل الرئيس ميشال عون من الرابية رسالة إلى السيد حسن نصرالله، يبلغه فيها عدم جدوى حرب الإسناد وخطورتها على لبنان وعلى “حزب الله”، رد الحزب بالهروب إلى الأمام.
واليوم، اتخذت الحكومة اللبنانية برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون قرارًا تاريخيًا أذاعه رئيس الحكومة المقدام نواف سلام شخصيًا.. والكل يعلم أن زمن العودة إلى الوراء صار من الماضي..
في هذا السياق تأتي دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للحوار كضربة السيف في الماء، لزوم ما لا يلزم بهدف الهروب إلى الأمام.. ومن البديهي أن يبدأ الحوار من حيث انتهت الجلسات السابقة، فعن أي حوار نتكلم وأي هدف سنحقق من خلاله، وهل حافظ “حزب الله” على سمعته في الالتزام بمقررات الحوار السابقة؟.. قطعًا لا..
قرار الحكومة أهم من 1000 حوار وحوار.. وخطة الجيش باتت جاهزة، والجلسة الحكومية يوم الجمعة، فلماذا الدعوة إلى الحوار إن لم يكن الهدف منها تخريب مقررات الحكومة في محاولة يائسة للهروب إلى الأمام؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() لإنعاش ذاكرة الشيخ نعيم: هذا ما حصل في فجر الجرود | ![]() من يُقنِع شيعة الولاية أنّ بناء الدولة يصب في مصلحتهم؟ | ![]() توبيخ الزائر الإيراني واجب وطني |