بدعم أميركي… الأوروبيون يستعدون لنشر قوات عسكرية في أوكرانيا وروسيا تتهمهم بـ”عرقلة” الحلّ

عقدت الدول الأوروبية الداعمة لكييف اجتماعًا للبحث في الضمانات الأمنية التي يمكنها تقديمها لحليفتها في إطار أي اتفاق سلام، وشارك في هذه المشاورات التي عُقدت حضوريًا بشكل جزئي في العاصمة الفرنسية باريس، بينما حضرتها بعض الشخصيات عبر الفيديو، 35 رئيسًا ورئيس حكومة من دول ما يُعْرَف بـ”تحالف الراغبين”.
وفي التفاصيل، بحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الخميس، مع القادة الأوروبيين الضمانات الأمنية التي ينبغي تقديمها لكييف، وسبل تكثيف الضغط على روسيا لحملها على الجلوس إلى طاولة مفاوضات السلام.
وعقد قادة التحالف مباحثات، بعضهم حضوريًا في باريس وآخرون عبر تقنية الفيديو، للبحث في الضمانات الأمنية لكييف في أي اتفاق سلام محتمل مع موسكو.
وعلى هامش الاجتماع، التقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في العاصمة الفرنسية ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي.
في هذا السياق، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس إن الأيام المقبلة ستشهد وضع اللمسات الأخيرة على الدعم الذي ستقدمه الولايات المتحدة للضمانات الأمنية لأوكرانيا، وذلك بعد اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في أعقاب اجتماع الدول الداعمة لكييف.
كما أعلن الرئيس الفرنسي أن 26 دولة، خصوصًا أوروبية، التزمت المشاركة في ما سمّاها “قوة طمأنة” في إطار وقفٍ لإطلاق النار محتمل بين روسيا وأوكرانيا، وذلك عبر نشرها قوات في أوكرانيا “برًا أو بحرًا أو جوًا”.
وقال ماكرون للصحافيين إثر اجتماع لـ”تحالف الراغبين” الداعم لأوكرانيا: “ليس هدف هذه القوة أن تخوض حربًا ضد روسيا”.
وقال إن ألمانيا وإيطاليا وبولندا “من بين الدول الـ26 المساهمة التي حددت دعمها، إمّا لتدريب الجيش الأوكراني وإمّا لضمان الأمن برًّا وجوًّا وبحرًا”.
وذكّر أيضًا بأن الضمانات الأمنية “تهدف أولًا إلى ضمان عدم وجود أي قيود على حجم أو قدرات الجيش الأوكراني خلال المفاوضات”. وأضاف “هذا ما ندافع عنه، وما سندافع عنه حتى النهاية”.
وأوضح أيضًا أن الأوروبيين سيفرضون عقوبات جديدة “بالتنسيق مع الولايات المتحدة”، إذا واصلت موسكو “رفض إحلال السلام” في أوكرانيا، لافتًا إلى أنه ستكون هناك “اتصالات جديدة بين الأميركيين والروس”.
بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن كييف وحلفاءها لديهم تفاهم على إطار عمل عام للضمانات الأمنية، وإن الوثائق المتعلقة بهذه الضمانات قيد الإعداد في كل دولة من الدول التي وافقت على الإسهام.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي في باريس أن وجود جيش أوكراني قوي سيكون محوريًا في أي التزامات من هذا القبيل، وحثّ شركات الدفاع الأوروبية على تعزيز الإنتاج بكامل طاقتها.
كما أشاد الرئيس الأوكراني بالتزام حلفائه الأوروبيين نشر قوات في بلاده لتوفير ضمانات أمنية في إطار أي اتفاق محتمل يُنهي الحرب مع روسيا، معتبرًا ذلك خطوة “أولى ملموسة”.
وقال زيلينسكي: “وافقت 26 دولة على توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا. أعتقد أن هذه أول خطوة جدية ملموسة من هذا القبيل منذ مدة طويلة”.
من جهتها، أعلنت ألمانيا أنها لا ترغب في الوقت الحالي في الالتزام بالمشاركة في أي مهمة عسكرية محتملة في أوكرانيا بعد التوصل إلى حلّ تفاوضي لإنهاء الحرب.
وصرح المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان كورنيليوس اليوم بأن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أكد خلال مشاورات حلفاء أوكرانيا أن الأولوية يجب أن تتركّز أولًا على تمويل وتسليح وتدريب القوات المسلحة الأوكرانية.
وأضاف ميرتس أن ألمانيا باتت حاليًا هي الشريك الأهم لكييف، وأنها مستعدة أيضًا لتوسيع نطاق هذا الدعم.
وبشأن القيام بأي دور عسكري، أوضح كورنيليوس أن ألمانيا “ستقرر في الوقت المناسب، عندما تتضح الظروف الإطارية”، مشيرًا إلى أن ذلك يتعلق بعدة أمور من بينها “طبيعة وحجم المشاركة الأميركية، وكذلك نتيجة العملية التفاوضية”.
في المقابل، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، اليوم الجمعة، أن موسكو لن تسمح لحلف الناتو بنشر قوات في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن روسيا ستفعل كل ما هو ضروري لضمان أمنها.
وقال بيسكوف: “إن محاولة الناتو لدخول أوكرانيا تشكل خطرًا على دولتنا. لذلك، نعتبر وجود قوات حلف شمال الأطلسي المسلحة على الأراضي الأوكرانية بالقرب من حدودنا خطرًا. هذا خطر علينا، لأن الناتو يعتبر روسيا عدوًا، وهذا واضح من خلال وثائقهم. لا يمكننا السماح بذلك. وسوف نفعل كل ما هو ضروري لضمان أمننا”.
وأضاف بيسكوف أن روسيا مستعدة لتحقيق أهدافها بشأن أوكرانيا بالوسائل السلمية، ولكن في ظل غياب مثل هذه الفرص “ستواصل العملية العسكرية الخاصة”.
وأشار بيسكوف إلى أن “الأوروبيين يُعرقلون التسوية في أوكرانيا. هم لا يُساهمون فيها”، مُتّهمًا القارة العجوز بـ”مواصلة محاولاتها” لجعل أوكرانيا “مركزًا لكل ما هو معاد لروسيا”.
وأضاف المتحدث باسم الكرملين لوكالة “إنترفاكس للأنباء” أنه لا توجد تحضيرات حاليًا لعقد محادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب، لكن يمكن الترتيب لها سريعًا.
وقال في تصريحات إعلامية، نشرت اليوم الجمعة، إن الضمانات الأمنية لأوكرانيا لا يمكن تقديمها من خلال قوات عسكرية أجنبية.
ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن بيسكوف قوله “هل يمكن أن تمنح قوات عسكرية أجنبية خصوصًا الأميركية والأوروبية الضمانات الأمنية لأوكرانيا؟ بالطبع لا يمكنها ذلك… هذا لا يمكن أن يعد ضمانًا أمنيًا لأوكرانيا ويكون مقبولًا بالنسبة لبلدنا”.