آن الأوان ليجرؤ لبنان على السلام!

ترجمة هنا لبنان 10 أيلول, 2025

كتبت Tylia El Helou لـIci Beyrouth:

حُمّلت مفردة “السلام” في القاموس اللبناني أكثر بكثير مما تحتمل: فهي إما حُوِّلت إلى شعار أجوف، وإمّا صُنّفت ضمن التابوهات التي لا تُذكر إلا في سياق معنون بـ”التخوين”. ومع ذلك، إذا أراد بلدنا البقاء على قيد الحياة وإعادة بناء اقتصاده ومنح الأمل لمواطنيه، لا مجال لاستمرار منطق الحرب الدائمة. لبنان لا يحتمل هذا الترف أصلاً في هذه الظروف والسلام، حتى مع إسرائيل، لا بدّ أن يصبح أولوية وطنية.
منذ عقود ولبنان يعيش في ظل الصراع مع إسرائيل.. رهينة شعارات أيديولوجية وحسابات فئوية حوّلته إلى ساحة صراع بالوكالة. الاحتلال في الجنوب وحرب 2006 والاشتباكات المتكررة.. كلها تركت ندوباً عميقة في قلب الوطن. وبالتالي، رفض التفكير في السلام يعني القبول بحكم أبدي من عدم الاستقرار والخوف والعزلة.. وهل يطيق لبنان ذلك بعد؟
البعض قد يرى في التطبيع استسلاماً. لكن ذلك وهم وتصور خاطئ. السلام ليس تنازلاً، بل استعادة للسيادة الوطنية. إنه إعلان بأنّ الدولة اللبنانية قررت ألّا تبقى رهينة لأجندات إقليمية أو لسلاح خارج الشرعية. السلام يعني إعادة الاعتبار للمؤسسات وللجيش وتلبية حق المواطن بالأمن الذي طال انتظاره.
إنّ ثورة البعض لمجرد سماع كلمة “سلام” تنطوي على الكثير من السخافة لا وبل على الكثير من العبثية أيضاً. فالسلام قيمة كونية متجذرة في جميع الحضارات وجوهر إنسانيتنا. ورفض اعتباره هدفًا وطنيًا مرادف لإنكار المستقبل. العالم العربي نفسه يتغير، وقد اختارت دول عدة طريق التطبيع. ولا يمكن للبنان البقاء أسير الجمود، خصوصاً اليوم، والوقوف بعكس مجرى التاريخ. وقد وفّرت إدارة ترامب للبنانيين ظرفاً ذهبياً وفرصة تاريخية نادرة، وتكاد إضاعتها ترقى لمستوى الجريمة بحق لبنان.
ولكل قارئ قد ينتقد “مبدأ” السلام، تذكرة بأنّ السلام ليس رفاهية أخلاقية، بل مسألة وجودية. وقد أثبت اتفاق ترسيم الحدود البحرية أنّ الحوار الواقعي مع إسرائيل قادر على أن يولّد منافع اقتصادية ملموسة وفورية. تخيّلوا مستقبلًا تقوم فيه المشاريع والتعاون بدلاً من المواجهة الدائمة، مستقبلًا يفتح أبواب إعادة البناء الوطني أمام الجميع، ويمنح اللبنانيين دون استثناء، فرصة حقيقية للاستفادة.
ليست خيانة أن نتجرأ على السلام اليوم.. بل هي مصادقة على مستقبل يُعاد فيه تعريف لبنان، ليس من خلال الحروب والصراعات، بل من خلال القدرة على النهوض وإعادة البناء. إنها دعوة لمنح اللبنانيين حقهم في حياة كريمة، حيث يسود الحوار حول التعليم والتقدم والازدهار، لا حول القصف والميليشيات والأسلحة.
أما لبنان فيخاطر بخسارة كل شيء إذا بقي أسير منطق الحرب، وفي المقلب الآخر، أمامه فرصة ليكسب كل شيء إذا اختار السلام. الشجاعة السياسية الحقيقية تكمن اليوم في كسر الصمت وإطلاق الحوار ورسم مسار واضح نحو دولة لبنانية سيدة ومستقرة.. تنعم أخيراً بالسلام الحقيقي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us