مؤتمر “تحرّر من أجل لبنان”: دعوات لإنهاء هيمنة إيران وحصر السلاح بيد الدولة

نظّمت حركة تحرّر من أجل لبنان مؤتمرًا دوليًّا بعنوان: “لبنان بعد تراجع نفوذ الملالي في إيران: الربيع متى أوانه؟ قراءات في المشهد السياسي المقبل من أجل حريات الشعوب والجماعات واستقرار الدول الوطنية”، وذلك في 20 أيلول (سبتمبر) 2025، في فندق سمولفيل – بيروت. حضر المؤتمر مجموعة من الناشطين والسياسيين والفاعلين الاجتماعيين والديلوماسيين، وبمشاركة متحدثين وناشطين من خارج لبنان عبر اتصال زوم.
في مستهل المؤتمر، تحدّث منسق حركة تحرّر د.علي خليفة، قائلاً: “إن المشهد السياسي الحالي هو مشهدٌ متغيّر بوتيرة عالية استثنائية ومفصلية. على صعيد المنطقة، تحوّلات أمنية وسياسية، غير مسبوقة، تُعيد خلط الأوراق: من طوفان الأقصى والسيوف المسلولة والأسد الصاعد، مرورًا بإعلان نيويورك وإعادة ضخ الحياة بحلّ الدولتين من أجل التسوية الدئمة، وليس انتهاءً باتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان. أعقبتها زيارة علي لاريجاني للرياض ومحاولات النظام الإيراني الحفاظ على مناطق نفوذه بنوع من الاستدراك، والاحتواء الاستراتيجي، عبر إشاعة خطاب تصالحي مع السعودية في العلن. وكذلك، حذا حزب الله، الذراع العسكري للنظام الإيراني في لبنان، حذو النظام الإيراني فور ورود التعليمة”. أضاف خليفة: “أمام التغيّرات الكبرى الحاصلة، نحن نريد أن تحفظ الشعوب حرياتها والجماعات، وكذلك تستقرّ الدول الوطنية وتنسحب عنها التجاذبات”. وختم بالقول: “بعد كل الجرائم التي اقترفها النظام الإيراني في الداخل واستجرار العقوبات على شعبه، والحروب التي كانت بدفع منه في الدول التي عانت من نفوذه كلبنان ما أدى إلى زعزعة أمنه الوطني، يسارع النظام الإيراني في رضا السعودية ويستجديها حزب الله لفتح صفحة جديدة، الأمر الذي لا يمكن أن يقود إلى صفقة لأن بقاء سلاح حزب الله هو استمرار وديعة النظام الإيراني في لبنان والسلاح هو سبب استمرار الاستهدافات وتأجيل إعادة إعمار الجنوب. وليست السعودية بوارد أن تسمع بعد اليوم “شكرًا” يشبه ما كان بالأمس “شكرًا قطر”، حيث بقي حزب الله ينتظر تغيرات دولية مؤاتية لينقلب على إثرها ويُدخل لبنان واللبنانيين في حروب متتالية وغير محسوبة”.
واعتبر المؤسس في حركة تحرٌّر الناشط السياسي علي الزين أن “على مدى عقود، كُتبت قصة لبنان بأقلام خارجية، حيث كان مسرحًا لصراعات إقليمية، وورقة في لعبة جيوسياسية أكبر. وفي فصلٍ مهم من تاريخنا الحديث، كان النفوذ الغالب هو نفوذ إيران، أساسًا من خلال وكيلها الأقوى، حزب الله. لكن اليوم، يتابع الزين، بعد انحسار تلك الهيمنة، كيف سيبدو لبنان حين يتراجع ذلك الظل الثقيل؟ خطر الصراع الداخلي يلوح، ولكننا أمام فرصة أن تتمكن الدولة اللبنانية الشرعية، وخصوصًا الجيش اللبناني، من بسط سلطتها على كل شبر من أرض الوطن.” وفي المقلب الآخر، تساءل الزين: “إلى أي مدى أضعفت الأحداث القائمة النظام الإيراني من الداخل؟”
النائب الأوروبي ستراون-جون ستيفنسن حمّل النظام الإيراني مسؤولية تقطيع أواصل الدول الوطنية في الشرق الأوسط في خدمة توسّع رقعة نفوذه. وقدّم خريطة الأضرار البنيوية التي لحقت بالمشاريع الوطنية في الدول التي امتدّ إليها النفوذ الإيراني. ودعا ستيفنسن، والحال هذه، إلى اتخاذ تدابير محلّية في كلّ رقعة تمتدّ إليها يد التخريب للنظام الإيراني ومعاملته على قاعدة انتهاكه للمواثيق الدولية والمعاهدات التي ترعى العلاقات الدولية.
وتحدّث السيد موسى أفشار، عضو اللجنة الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، عن عدم شرعية النظام الإيراني وتوسّله العنف بحق معارضيه والأصوات المختلفة في المجتمع، ذاكرًا أرقام الإعدامات التي يُقدم عليها والمضايقات وسياسة كم الأفواه والعنف في الداخل، فضلاً عن تخريب علاقات إيران مع دول المنطقة عبر التدخل بشؤون الدول وبناء أذرع عسكرية للنظام الإيراني في خمس عواصم عربية. ودعا أفشار إلى خطوات عملية لمواجهة النظام وأذرعته، كما الشعب الإيراني المصمّم على استعادة تمثيله الشرعي.
وتحدّث سعادة الدكتور رامي فنج عن مرحلة واعدة ومصيرية في آن تنتظر لبنان على صعيد فرض السيادة والقانون بقوة الشرعية.
وسألت السفيرة غادة شرف الدين من زاوية العلاقات الدولية والمعاهدات ذات الصلة، عن الأدوار الإشكالية والمرفوضة التي تقوم بها السفارة الإيرانية في بيروت.
منسقة العلاقات العامة في حركة تحرٌّر نانسي اللقيس ألقت الضوء على صورة المرأة الجنوبية في ظلّ هيمنة حزب الله… وإقصائها عن دورها كشريكة وصاحبة دور فاعل في المجتمع. وأطفالنا، تتابع اللقيس، لم يُولدوا ليكون الموت أقصى طموحهم، بل وُلدوا ليحلموا، ويكبروا، ويعيشوا بكرامة كما يستحق أي طفل في هذا العالم.
الباحث والكاتب السياسي د. ميشال الشماعي أشار في مداخلته إلى أهمية الدفع باتجاه التغيير في لبنان خلال الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان، معتبرًا قضية التحرُّر في الطائفة الشيعية من هيمنة النظام الإيراني قضية وطنية لبنانية تجمع كلّ اللبنانيين في سبيل تحصين مشروع الدولة واستعادة الهوية الوطنية وثقافة المواطنة. ودون ذلك، يتابع الشماعي، علينا البحث على صيغ أخرى للحكمية وإدارة البلد إذا بقيت الخمينية تتمدّد في لبنان، على حساب ثقافة اللبنانيين بمن فيهم الشيعة.
بينما دعا الأستاذ روبير أبيض، رئيس المجلس العام الأورثذكسي إلى التعويل على الآليات الإجتماعية كالتربية المواطنية من أجل تنقية الثقافة السائدة وأطر التنشئة التي سمحت للتنظيمات المسلّحة، كحزب الله بمدّ جذوره في البيئة اللبنانية.
الناشطة السياسية في حزب النهضة – فرنسا، د. منال خليفة أشارت في مداخلتها إلى التغيّر الجذري الحاصل على صعيد تشكّل المشهد السياسي في المنطقة، مقارنة الوضع اليوم بما كان عليه من سنتين على أقل تقدير. وأشارت أن مشهد الحريات والديمقراطية واعد للمنطقة بأسرها، وللبنان على وجه التحديد، شرط الاستفادة من الظروف القائمة والفرص السانحة للتغيير.
الناشط السياسي محمود شعيب أشار إلى وجود موازنة على صعيد المنطقة بين لغة الحوار والقوة والسعودية تلعب أدوارًا استراتيجية تدعونا في لبنان إلى حث الخطى والتحضّر لمرحلة مقبلة من المتغيرات الجذرية.
الناشط السياسي نبيل سمعان ذكّر بالظروف الخارجية التي بلغت عام 2005 سقفًا عاليًا في التأثير على الوضع المحلّي ما سمح بطيّ صفحة في لبنان وفتح صفحة جديدة وأعرب عن أمله أن يكون هذا المؤتمر خطوة في اتجاه جمع الجهود لتحقيق ظروف الانتقال المنشود اليوم.
واقترح الأستاذ جوزيف بو نعمه فكرة تأصيل القرارات الحكومية بغطاء شعبي على مستوى الوطن، حيث أن أكثرية اللبنانيين مع حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وهذا الأمر يمكن الدعوة إلى استفتاء شعبي بشأنه، ما يخرجه من دائرة التجاذب ويقطع مع نفوذ النظام الإيراني الذي يستثمر فيه.
ودعا أمين عام تجمع رجال وسيدات الأعمال الأستاذ روبير كنعان إلى تصوّر مرحلة التنمية ومتطلباتها ما بعد سقوط الإسلام السياسي وانحسار نفوذ النظام الإسلامي في إيران وسطوته على لبنان.
وتوالت المداخلات والأسئلة، وتمّ على إثرها الاتفاق على إصدار أعمال المؤتمر ونشرها كتوصيات وتشكيل لجنة متابعة.