جوزاف عون والسعودية: شراكة جديدة تعيد الأمل للبنان


خاص 24 أيلول, 2025

يبدو أنّ العلاقة اللبنانية-السعودية في عهد الرئيس جوزاف عون انتقلت من خانة الأزمة إلى خانة الشراكة المشروطة بالجدية والالتزام. فهي علاقة لا تقوم فقط على الدعم المالي أو البروتوكول الدبلوماسي، بل على رؤية مشتركة لمستقبل لبنان كدولة مستقلة، قوية، ومنفتحة على محيطها العربي

كتب جو أندره رحال لـ”هنا لبنان”:

في العيد الوطني السعودي، يكتسب المشهد العربي بعدًا استثنائيًا مع عودة الدفء إلى العلاقات اللبنانية-السعودية بفضل الجهود الدبلوماسية التي قادها الرئيس جوزاف عون منذ انتخابه في مطلع عام 2025. فبعد سنوات من التوتر والفتور، نجح عون في إعادة وصل بيروت بالرياض، واضعًا بذلك أسس شراكة جديدة تحمل في طياتها الكثير من الأمل للبنان الذي يعاني أزمات سياسية واقتصادية خانقة.

اختار عون أن تكون زيارته الخارجية الأولى إلى المملكة، في خطوة عكست أولوياته الاستراتيجية ورسالة واضحة بأنّ لبنان متمسك بعمقه العربي. اللقاء مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أرسى ملامح هذه الشراكة الجديدة، حيث تم الاتفاق على فتح صفحة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي، وإعادة بناء جسور الثقة بين البلدين. وقد برز في هذه المحادثات ملف إعادة تفعيل المنحة السعودية البالغة ثلاثة مليارات دولار لدعم الجيش اللبناني، وهو مشروع توقّف منذ عام 2016، ويُعتبر اليوم حجر زاوية في مساعي الرئيس لترسيخ حصرية السلاح بيد الدولة وتعزيز الاستقرار الداخلي.

إلى جانب البعد الأمني، أولى عون اهتمامًا كبيرًا للملف الاقتصادي، ساعيًا إلى رفع القيود التي فرضتها الرياض في السنوات الماضية على الواردات اللبنانية وحركة السفر. هذا المسار يهدف إلى إعادة إنعاش الاقتصاد الوطني عبر فتح الأسواق الخليجية أمام المنتجات اللبنانية، وعودة السياحة السعودية إلى بيروت، بما يشكّل جرعة دعم حيوية في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة مالية غير مسبوقة.

السعودية من جانبها أبدت تفاؤلًا حذرًا بالمرحلة الجديدة. فقد جاءت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى بيروت، وهي الأولى منذ نحو 15 عامًا، بمثابة إشارة واضحة إلى استعداد المملكة لدعم لبنان، لكنها ربطت أي خطوة عملية بمسار إصلاحي حقيقي ومستدام. الرسالة السعودية كانت دقيقة: لا مساعدات بلا إصلاحات، ولا استثمارات بلا التزام جاد ببناء دولة قوية وشفافة.

بهذه المعادلة، يبدو أن العلاقة اللبنانية-السعودية في عهد جوزاف عون انتقلت من خانة الأزمة إلى خانة الشراكة المشروطة بالجدية والالتزام. فهي علاقة لا تقوم فقط على الدعم المالي أو البروتوكول الدبلوماسي، بل على رؤية مشتركة لمستقبل لبنان كدولة مستقلة، قوية، ومنفتحة على محيطها العربي.

وفي العيد الوطني السعودي، تصبح هذه العودة إلى الشراكة أكثر رمزية. فهي تذكّر اللبنانيين بأنّ عمقهم العربي ليس خيارًا تكتيكيًا بل هو ضمانة لنهضتهم واستقرارهم، وتؤكد للسعوديين أنّ لبنان، رغم أزماته، يبقى شريكًا موثوقًا إذا ما التزم بخيار الدولة. إنها بداية مسار جديد قد يفتح للبنان نافذة أمل طال انتظارها، ويضع أسس علاقة استراتيجية متجددة مع المملكة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us