من الإسناد إلى العناد

يدرك “الحزب” أنّ واقع الحال قد تغير جذرياً وأنّ معركته مع إسرائيل لم يعد قادراً على خوضها، ولأنه لا يستطيع أن يبقى ويستمر من دون حروب قرر أن يوجّه البندقية باتجاه الداخل، فكتب الحزب بذلك تدرّجه من حرب التحرير إلى حرب الإسناد إلى حرب العناد
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
لا يريد حزب الله بعد أيلول الأسود في العام الماضي وبعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي حظر عليه حمل السلاح وبعد قرار الحكومة في ٥ آب في نزع أي شرعية عن سلاحه، أن يظهر بصورة المهشّم، فاستعاض عن استخدام السلاح برفع الصوت وسقف المواقف والمطالب وإثارة بيئته كي يبقي على التجييش في صفوفها في أشهر عملية إثارة للغبار كي لا يرى الرأي العام حقيقة ما أدت إليه حرب الإسناد.
في ٨ تشرين الأول من العام ٢٠٢٣ أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حرب الإسناد لغزة ورفض كل الوساطات من أجل وقف الحرب قائلاً لا وقف للنار في لبنان قبل وقف النار في غزة.
مع اغتيال الأمين العام نصرالله وخلفه هاشم صفي الدين والضربات الكبرى التي أصابت البنية العسكرية والحالة الكارثية التي وصلت لها بيئة الحزب، أسقط الحزب بيده حرب الإسناد وقبل بكل ما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار، ولكن الأسوأ أنّ الحزب تخلى عن أي عمل عسكري مقاوم، فلا ردّ على الهجمات والإغتيالات ولا محاولات لتحرير الأرض والأسرى وكأنّ ما يجري في الجنوب ومناطق أخرى من لبنان جراء السياسة الإسرائيلية لا يعني الحزب في وظيفته الأساسية وهي خوض القتال ضد إسرائيل.
منذ سنة تقريباً لا أحد في بيئة الحزب يسأله عن التصدي لإسرائيل ويعلم كل هؤلاء أنّ حجة الحزب بالوقوف وراء الدولة في هذا الموضوع هي حجة واهية، فالحزب لا يكفّ عن نعت الدولة وجيشها بالعجز وينقل هذه السردية إلى جمهوره ولكنه في الوقت عينه يطالبها بالتصدي لإسرائيل، بينما يقف هو مكتوف الأيدي رغم أنه يدّعي أنه الأقوى في مواجهة إسرائيل وأنّ سلاحه وجد لهذه الغاية فماذا ينتظر الحزب إذاً؟مزيداً من الشهداء والخراب؟
يدرك حزب الله أنّ واقع الحال قد تغير جذرياً وأنّ معركته مع إسرائيل لم يعد قادراً على خوضها والتهديد باجتياحها وإزالتها من الوجود فحتى الواقع الإقليمي تغير كثيراً، ولأنه لا يستطيع أن يبقى ويستمر من دون حروب قرر أن يوجّه البندقية باتجاه الداخل وأن يستنبط عدواً هنا وأن يشهر الإستنفار بوجهه وكأنه الإسرائيلي تماماً بل أكثر، فكتب الحزب بذلك تدرّجه من حرب التحرير إلى حرب الإسناد إلى حرب العناد.
مواضيع مماثلة للكاتب:
![]() الهجوم على الرئيس عون يجمع الحزب والتيار | ![]() رفض حصرية السلاح إلغاء لاتفاق وقف النار | ![]() حلم البشير |