حزب الله بعد عام على الحرب واغتيال نصرالله: من الذروة إلى الانحسار!


خاص 27 أيلول, 2025

صورة “المنتصر الدائم” التي بناها “الحزب” بعد حرب تموز 2006 تلاشت أمام مشهد الدمار والضحايا الذين خلّفتهم الحرب الأخيرة، إضافةً إلى الأعباء الاقتصادية التي يتحمّلها اللبنانيون والتي بات الكثيرون يربطونها مباشرةً بخيارات الحزب الإقليمية.

كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:

بعد مرور عام على الحرب التي عصفت بلبنان والمنطقة، واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، يمكن القول إنّ الحزب يعيش تحوّلًا غير مسبوقٍ في مسيرته منذ تأسيسه. فالقوّة التي شكّلت على مدى عقود عنوانًا للهيمنة الميدانية والوزن السياسي الأثقل في البلاد، باتت اليوم أمام واقع جديد قوامه التراجع، سواء على صعيد الشعبية الداخلية أو في فعاليته العسكرية والسياسية.

قد لا يختلف اثنان على أنّ لحظة اغتيال السيد حسن نصر الله منذ عام، قد شكّلت لحظةً مفصليةً في تاريخ الحزب. فالرجل لم يكن مجرّد قائد عسكري أو أمين عام، بل كان رمزًا وكاريزما تُجسّد صورة “المقاومة” وتُوفّر قاعدةً صلبةً من الالتفاف الشعبي، وبعد عام على غيابه كانت واضحةً هشاشة البنية القيادية، إذ لم يتمكن مَن خلفوه من ملء الفراغ أو إعادة إنتاج صورة الحزب كحركة قادرة على جمع الشارع حولها.

كما أنّ خسارة حزب الله الحرب مع إسرائيل، وانكساره أمام جيشها، فتحت الباب واسعًا أمام طرح موضوع حصرية السلاح بيد الدولة، فما كان طوال عقود أشبه بحلمٍ بعيد المنال، لم يعدْ اليوم حبرًا على ورق، بل بدأ تنفيذه عبر خطواتٍ تدريجيةٍ، تراوحت ما بين تعزيز صلاحيات الجيش ونزع سلاح مجموعات مسلّحة مرتبطة بالحزب، في إطار توافق داخلي وإسناد دولي. ومع كل خطوة، تضاءلت قدرة الحزب على فرض معادلاته التقليدية بالقوة.

كما أنّ الحزب، ومع اغتيال أمينه العام، لم يعد اللاعب الذي يرسم خطوط الاشتباك كما في السابق، فبنيته العسكرية تعرّضت لاستنزاف كبير خلال الحرب الأخيرة، وخسائره البشرية والمادية انعكست مباشرة على قدرته القتالية، من لحظة انفجار البيجر إلى يومنا هذا. حتى على مستوى الجنوب اللبناني، حيث كان يملك اليد الطولى، باتت سيطرة الجيش أكثر وضوحًا، فيما تقلّص حضور الحزب إلى مربّعات محدودة لا تمتلك الزخم السابق.

هذا من الناحية العسكرية والسياسية، أمّا من الناحية الشعبية فكانت النكسة أكبر. فصورة “المنتصر الدائم” التي بناها بعد حرب تموز 2006 تلاشت أمام مشهد الدمار والضحايا الذين خلّفتهم الحرب الأخيرة، إضافةً إلى الأعباء الاقتصادية التي يتحمّلها اللبنانيون والتي بات الكثيرون يربطونها مباشرةً بخيارات الحزب الإقليمية. وفي بيئته الحاضنة نفسها، ارتفعت الأصوات الناقدة التي تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية بدل الاستمرار في مسارات التصعيد والمواجهة.

وعليه، يمكن القول إنّ العام الذي تلا اغتيال نصر الله حمل لحزب الله واقعًا جديدًا لم يختبره من قبل. لم يعد الحزب قوةً عسكريةً وسياسيةً كما كان، بل لاعبًا محاصرًا يتراجع نفوذه تباعًا تحت ضغط داخلي وخارجي متزايد. والسؤال المطروح اليوم: هل يستطيع الحزب التأقلم مع هذه الحقائق الجديدة ليصبح جزءًا من الدولة، أم أنّ تاريخه المرتبط بالسلاح سيحول دون اندماجه الكامل في معادلة لبنان الجديدة؟.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us