لبنان تحت المجهر الأميركي مجدّدًا… الجيش أمام اختبار مصيري والسيادة معلّقة بنزع سلاح “الحزب”

بينما كان الجانب الأميركي يترقّب تقرير قيادة الجيش بشأن تقدمها في عملية نزع سلاح “حزب الله” جنوب الليطاني في الخامس من تشرين الأول المقبل، ألقت تظاهرة “الحزب” التي تحدّت قرارًا حكوميًا بظلالها على المشهد الأميركي. فمع تصاعد التوتّر السياسي اللبناني ولعب المؤسسات العسكرية اللبنانية دورًا سياسيًا بدل دورها الأمني في فرض السلطة وإنفاذ القانون سيُحتّم على واشنطن إعادة النظر بموقفها.
ولا شكّ أنّ تداعيات هذه “الواقعة” ستكون لها انعكاس لجهة ثقة المجتمع الدولي بالحكومة اللبنانية وقدرتها على بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية وتنفيذ خطة حصرية السلاح، ووضع الخطوة المقبلة بشأن حصر السلاح تحت المجهر الدولي، بعدما طرحت المواقف الدولية عنوانًا وحيدًا للحل يبدأ بسحب السلاح قبل أي أمرٍ آخر.
وأشارت مصادر مطّلعة إلى تراجع حماوة الاتصالات السياسية في الأسابيع المقبلة، مع التركيز دوليًّا على الجانب الميداني لجهة إجراءات الجيش وتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة التي وضعها لجنوب الليطاني، ومدى تحقيق الأهداف التي وُضعت لها، مع تفعيل حركة لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار في هذا المجال.
وقد أشارت مصادر دبلوماسية أميركية إلى أنّ الخوض في كباش أحداث لبنان الداخلية لم ولن يكون هدفًا أميركيًا، وهذا واضح في تصريحات المسؤولين الأميركيين العلنية وفي محادثاتهم في الغرف المغلقة. ما يهمّ واشنطن هو أن يتمكّن لبنان من أن يُصبح دولةً ذات سيادة فيُطوى الملف الأمني الذي شكّل إزعاجًا إقليميًا.
وفيما تركّز نائبة الموفد الأميركي مورغان أورتاغوس على النشاط الأمني في جنوب الليطاني سعيًا لإنهاء مهمّة نزع السلاح غير الشرعي في هذه المنطقة لتتمكّن إدارة ترامب من ممارسة ضغوط على إسرائيل للمبادرة إلى الانسحاب جزئيًا من النقاط التي تمّ احتلالها على إثر حرب الإسناد التي شنها “حزب الله”، يأتي “تلكّؤ” الأجهزة الأمنية في إنفاذ القرارات الحكومية ليُعيد ترتيب الأوراق الأميركية.
ويشدّد مصدر دبلوماسي على أنّ الخارجية الأميركية ستبعث برسالة واضحة مفادها بأن الدعم المالي للجيش على المحكّ. فالتحدّيات الملحّة التي تعرف واشنطن أنّ الأمنيين يواجهونها تعتبرها من صلب عملهم وهم أمس الأول لم يقوموا به. وهذه التحديات تشير إلى وضع عالي المخاطر يُزعزع الثقة بالمؤسّسات الأمنية الرسمية اللبنانية. وهذه الثقة ميّزت جزءًا كبيرًا من العلاقة اللبنانية – الأميركية الحالية.
وفي ظلّ هذا النسيج الجيوسياسي المعقّد للبنان، تقول مصادر عسكرية إنّ التركيز على نزع سلاح “حزب الله” هو قضية ملحّة، وهو بمثابة العمود الفقري لسياسة إدارة ترامب تجاه لبنان. فواشنطن تسعى إلى مساعدة بيروت لمواجهة التحديات التي يشكّلها “حزب الله”. وهي اعتمدت موقفًا حازمًا يجمع بين الاستراتيجيات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية. يمثّل هذا النهج متعدّد الجوانب ما يراه الكثيرون فرصةً حاسمةً، وربما أخيرة، للبنان لضمان سيادته واستقراره.
ويثير الإلحاح الذي تُعبّر عنه إدارة ترامب الكثير من التحدّيات. ويُعقّد عدم امتثال لبنان لتوقعات الولايات المتحدة من خلال انتهاكات “حزب الله” القرار 1701، الوضع أكثر، خصوصًا في ظلّ شعور ملموس بأنّ النّمو العسكري لـ “حزب الله” مستمرّ بلا هوادة.
وأصحاب هذا الرأي يعتبرون أنّ آليات التنفيذ المنصوص عليها في القرار 1701 غير فعّالة بما يكفي لتحقيق النتائج المرجوة والتي تتسم بضرورة إحداث تحوّلٍ كبيرٍ في مقابل احتمال حدوث عواقب وخيمة. وتؤكّد المصادر أنّ إلحاح هذه اللحظة الراهنة يستدعي من جميع الأطراف اللبنانيّة المشاركة بشكلٍ هادفٍ من أجل سيادة لبنان والسعي إلى استقراره الدائم.
غير أنّه سادت أجواء من الإيجابية والتفهّم على اللقاء في نيويورك بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الدبلوماسية الأميركية ماركو روبيو.
حيث قال مصدر في الوفد اللبناني الرسمي لصحيفة “الأنباء” الكويتية إنّ “الموقف الأميركي معروف، لكنّ الوزير روبيو كان متفهمًا خلال اللقاء لوجهة النظر اللبنانية، وأصغى باهتمام إلى شروحات الرئيس جوزاف عون في مختلف المواضيع والتي كانت صريحة، من استمرار استهدافات إسرائيل ووجودها في مواقع في لبنان وانتهاكها اتفاق وقف إطلاق النار، إلى خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح بيد الدولة وسبل دعمه في مهامّه، إلى موضوع عقد مؤتمرات لإعادة الإعمار”.
كما توقّف المصدر عند لقاء الرئيس عون في نيويورك مع أكثر من سيناتور أميركي، وتفهمهم للموقف اللبناني وأهمية مساعدة الجيش اللبناني، ولا سيما عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي السيناتور جاين شاهين التي لعبت دورًا فاعلًا مع عددٍ من أعضاء المجلس، لتخصيص مبلغ 193 مليون دولار لدعم الجيش اللبناني، و40 مليون دولار لقوى الأمن الداخلي.
مواضيع ذات صلة :
![]() الجيش: تفجير ذخائر غير منفجرة في دبل | ![]() بالفيديو: الجيش ينفّذ مداهمات في دار الواسعة بحثاً عن مطلوبين | ![]() الجيش: توقيف أحد أخطر المطلوبين لارتكابه عدة جرائم منها إطلاق النار باتجاه دوريات للجيش |