الحرب التجارية الدولية: الصين تعيد رسم خرائط التبادل

ترجمة هنا لبنان 28 أيلول, 2025

ترجمة “هنا لبنان”:

كتبت Christiane Tager لـ”Ici Beyrouth“:

سجلت الصادرات الصينية إلى السوق الأميركية تراجعاً ملحوظاً بسبب الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها الولايات المتحدة. لكن ذلك لم يكبح الصين التي سارعت لإعادة ترتيب أوراقها التجارية، وتوجيه منتجاتها نحو أسواق أوروبا وآسيا وإفريقيا. هذا التحول في مسار الشحنات الصينية يمنح الحرب التجارية بين واشنطن وبكين طابعاً أشبه بلعبة “القط والفأر” على مستوى عالمي.

ومنذ وصول دونالد ترامب إلى السلطة، باتت العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة أشبه بمباراة “بينغ بونغ” عالية المخاطر. فالحاويات الصينية، التي كانت تتجه سابقاً إلى الموانئ الأميركية، بدت وكأنها فقدت وجهتها. ووفقاً لأحدث الأرقام في شهر آب 2025، تراجعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 12% خلال شهر واحد فقط، أي ما يعادل نحو 5 مليارات دولار من البضائع التي لن تعبر الأطلسي… على الأقل ليس بشكل مباشر. والسبب: الرسوم الإضافية التي تصل إلى 30% والتي فرضتها واشنطن على معظم السلع التي تحمل علامة “صنع في الصين”.

ولكن بعيداً عن الاستسلام، أظهرت الصين براعة في المناورة، حيث أعادت توجيه تدفق صادراتها نحو أسواق أخرى. واستحوذت أوروبا على الحصة الأكبر، حيث استقطبت 16% من الصادرات الصينية خلال النصف الأول من عام 2025، بمختلف القطاعات: من الإلكترونيات إلى السيارات الكهربائية، مروراً بالمنسوجات والألعاب والمنتجات الدوائية. هذا ما كشفته بيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية الصادرة هذا الأسبوع بشأن حركة الصادرات.

بالنسبة للمستهلكين الأوروبيين، يشكل تدفق السلع الصينية فرصة للحصول على أسعار تنافسية بشكل أكبر والوصول إلى ابتكارات جديدة بشكل أسرع مما تعرضه المتاجر المحلية. لكن بالنسبة لبعض الصناعات الأوروبية، هناك مخاوف من “صدمة صينية جديدة” قد تؤدي إلى موجات من تراجع التصنيع المحلي.

أما آسيا وإفريقيا فلهما حصة أيضاً، حيث تحافظ بكين على قواعدها الصناعية من خلال استراتيجية “الصين +1″، بالتوازي مع توسّع سلاسل التوريد في دول رابطة “آسيان”. والنتيجة: ارتفاع الصادرات بنسبة 22% نحو فيتنام وتايلاند والدول المجاورة. وتستفيد آسيا الوسطى من “مبادرة الحزام والطريق”، فيما تغزو المنتجات الصينية أسواق الهند والقارة الإفريقية. ولتسهيل هذا التوزيع والإنتشار، أعلنت بكين إطلاق 117 خطاً جديداً للشحن الجوي خلال النصف الأول من عام 2025، لضمان عدم بقاء أي حاوية عالقة على المدرجات.

هذا التحول في الاتجاه التجاري يعكس استراتيجية واضحة المعالم: تعويض خسارة السوق الأميركية وترسيخ النفوذ الإقليمي، وإثبات وجود الصين بصفتها ركناً أساسياً في منظومة التجارة العالمية. وفي المحصلة، لم تنجح الرسوم الأميركية الإضافية بتقييد بكين، بل دفعتها للمناورة بسرعة أكبر وبمهارة على أكثر من جبهة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us