متمسكون بالسلاح …والمعاش


خاص 29 أيلول, 2025

منذ أعوام جاهر نصرالله بأنّ “الحزب” يتلقى كامل الدعم بما فيه المالي من طهران، ولم يعد خافياً اليوم أنّ تمسُّك نعيم قاسم بسلاح “الحزب” هو في الوقت نفسه تمسّكٌ بالدعم المالي الذي ما زال يصل من طهران

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

أثار الحشد الشعبي الكبير الذي نظمه “حزب الله” السبت الماضي في الذكرى الأولى لمقتل أمينه العام السابق السيد حسن نصرالله الاهتمام بقدرة “الحزب” على استقطاب المشاركة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها. ويكفي هنا التطلع إلى الضاحية الجنوبية التي أقيم فيها المهرجان المركزي في المناسبة، ليتبيّن أنّ الدمار ما زال ماثلاً للعيان على مساحات واسعة في هذه المنطقة بعد الحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل على “حزب الله” قبل عام ، وبلغت ذروتها في أيلول الماضي لا سيما بتفجير أجهزة المناداة (البيجرز) بيد آلاف العناصر من أفراد “الحزب” ثم اغتيال أمينه العام السابق.

وعلى الرغم من ذلك، استطاع “حزب الله” إظهار قدراته على الحشد بدءاً من الروشة الخميس الماضي، وصولاً إلى مهرجان الضاحية وغيرها في الجنوب والبقاع. فهل من معطيات توضح هذه القدرة التعبوية المستمرة لهذا التنظيم؟

لا بد في سياق الإجابة على هذا السؤال من لفت الانتباه إلى استمرار احتضان الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقوة “حزب الله” قولاً وفعلاً. ولم تفت المراقبون الإشارة إلى أنّ طهران تستثمر في لبنان في أدق الظروف التي تواجهها دولياً. فقد أتى حضورها المميز في ذكرى نصرالله، متزامناً مع بدء التنفيذ الرسمي للعقوبات الدولية للأمم المتحدة ضدها، لتفرض قيودًا واسعة في المجالات العسكرية والاقتصادية والمالية على طهران. وفي الوقت نفسه، أُعيد إدراج عشرات الأفراد والكيانات الإيرانية، بمن فيهم قادة في الحرس الثوري ومسؤولون أمنيون وشركات على صلة بالبرامج الصاروخية والتسليحية، في قائمة عقوبات مجلس الأمن.

وفي السياق نفسه، لو وضعنا جانباً الاعتبارات العاطفية التي تتصل بمحنة “حزب الله” لوجدنا أنّ إيران تعتبر مواصلة توظيف ملف “الحزب” بمثابة استثمار. فقد اعتبر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني الذي حضر إلى بيروت للمشاركة في إحياء ذكرى نصرالله، أنّ “المقاومة( أي “حزب الله”) تمثل رأسمال كبير للأمة الإسلامية”.

وفي ردّه على سؤال حول تصريح المبعوث الأميركي توم باراك الذي كشف عن أنّ “حزب الله” يتلقى شهريًا 60 مليون دولار من إيران، قال لاريجاني :”أتصور أن السيد باراك كان غاضباً عندما أدلى بهذا التصريح، كما غضب في وقت سابق هنا”.

يحتاج الحديث عن الجانب المالي في علاقة طهران بـ”حزب الله” إلى أدلة. ويتصدّر هذه الأدلة ، ولا يزال منذ أعوام، أن نصرالله شخصياً ، وفي إحدى إطلالاته الإعلامية جاهر بأنّ “الحزب” يتلقى كامل الدعم بما فيه المالي من طهران ، وسط تقديرات بأنّ الجمهورية الإسلامية مدّت ذراعها اللبنانية على مدى عقود خلت بمليارات الدولارات. ويقول خبراء في هذا المضمار، انه بفضل هذا الدعم الإيراني السخي على مدى عشرات السنين، نشأت بيئة يقدر عددها بنحو ربع مليون شيعي في لبنان تعتمد كلياً في عيشها على ما يقدمه “الحزب” لها.
أظهرت الوقائع المتصلة بمرحلة بعد ولادة اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي أي قبل نحو 10 أشهر، أن “حزب الله” عاد إلى مشروع التمسك بسلاحه الذي بقي بحوزته حتى الآن بطلب من إيران. وتتحدث المعطيات عن أنّ سلاح “الحزب” ما زال ورقة بيد طهران بعدما خسرت أوراقاً مهمة في العام الماضي وأهمها ورقة نظام بشار الأسد.

بدا حضور لاريجاني إلى بيروت أشبه بحضور رب عمل إلى مؤسسة يديرها. ويستطيع أي تحقيق محايد أن يكشف عن أنّ القسم الأعظم من المشاركين في ذكرى نصرالله السبت الماضي ، هم من البيئة اللصيقة بـ”حزب الله” ، والتي كان اعتمادها على ما تحصل عليه من “الحزب” لتوفير أسباب العيش . ونعيد التذكير بأننا نتحدث عن قرابة ربع مليون نسمة.

يجب التوقف عند المقطع الأخير من كلمة الأمين الحالي لـ”الحزب” في ذكرى نصرالله. فهو قال، وطالب الجمهور ترداد بعض ما قاله: “في هذا العام رفعنا شعار‎: “إنا على العهد”،‎ ‎وهو مكرّر عن شعار العام الماضي عند الشهادة: “‏‎إنا على ‏العهد‎‏”، لماذا؟‎ ‎لأن العهد لا يتوقّف، فسنبقى على العهد‎.‎‏ ‏‎”‎إنا على العهد” أي نحن مستمرون‎، ‏‎”‎إنا على ‏العهد” أي يا سيد حسن، هناك قيادات ستستمر على نهجك، وهناك شعب سيستمر على هذه الرؤى التي ‏رسمتها‎.‎‏ ‏‎”‎إنا على العهد” نجددها ثلاث مرات لنؤكد للعالم‎:‎‏ ‏‎”‎إنا على العهد‎”‎‏.‏

وكانت المفارقة أنّ تلاوة عبارة ‏ ‎”‎إنا على العهد‎” ‎‏ ، كما طالب قاسم ، أتت وسط تحليق مسيرات إسرائيلية.‏ بالطبع، لم يطلق “الحزب” أية طلقة باتجاهها. واستعاض عن ذلك، بتوجيه نيرانه على لسان قاسم تجاه خطة “حصر السلاح بيد الدولة”.

لم يعد خافياً أنّ تمسك نعيم قاسم بسلاح “الحزب” هو في الوقت نفسه تمسك بالدعم المالي الذي ما زال يصل من طهران.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us