لبنان أمام تحدّي سَدّ “الفجوة الأمنيَّة”


خاص 4 تشرين الأول, 2025

اليوم بدأ سدّ الفجوة للسلاح الفلسطيني، ولو بخطى أوليّة تحتاج إلى خطوات أكبر، ولكنّها آتية، فمتى سيبدأ سدّ الفجوة الأمنية لسلاح “الحزب”؟

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

“لغم” أساسيّ غالبًا ما كان يهدّد انطلاقة الدولة في لبنان، هو “لغم” اصطُلح على تسميته “الفجوة”، وهي “فجوة” تعاني منها الدولة منذ إعادة تكوينها ما بعد اتفاق الطائف، وتحوُّل معظم هذا الاتفاق إلى بنودٍ في الدستور الذي صار اسمه “دستور الطائف”.

أخطر أنواع الفجوات هو “الفجوة الأمنية”، فمنذ مطلع تسعينيّات القرن الماضي، في فترة ما بعد الحرب، كان القرار بـ”حصرية السلاح” بيد الدولة اللبنانية، كان المسمَّى آنذاك “حلّ الميليشيات”، امتثلت القوات اللبنانية، وهي كانت أكبر الميليشيات، للقرار، كذلك الحزب التقدمي الاشتراكي، وبدرجة أقل، ميليشيا حركة أمل، بقيت “فجوتان”: الأولى السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، والثانية سلاح حزب الله.

العُهود المتعاقبة منذ تسعينيّات القرن الماضي، حتى ما قبل هذا العهد، إمّا تغاضت عن هاتَيْن الفجوتَيْن وإمّا ساعدت مَن يقف وراءها على الاستمرار والتمدّد، والعهدان اللذان كانا أكثر التصاقًا بواحدة من هاتَيْن الفجوتَيْن، هما عهد العماد إميل لحّود وعهد العماد ميشال عون.

العماد إميل لحّود أُطلقت عليه تسمية “الرئيس المقاوِم”، تماهى مع أدبيّات حزب الله، وكان يُغطّي سلاح الحزب، وعهده كان “شهر عسل” بالنسبة إلى الحزب. العماد لحّود كان منسجمًا مع نفسه، بالنسبة إليه كان يعتبر نفسه “الضلع الثالث” في مثلّث “سوريا، الحزب”، في تلك الظروف كان من الممنوعات الحديث عن سلاح حزب الله، بل على العكس من ذلك، كان ذلك السلاح من المقدّسات الممنوع المسّ به.

استمرت هذه الفجوة في عهد العماد ميشال عون، فالرئيس عون جاء إلى سدّة الرئاسة على “صهوة” اتفاق مار مخايل بينه وبين السيد حسن نصر الله عام 2006، وما زال هذا الاتفاق معمولًا به حتى يومنا هذا، صحيح أنّ التيار ابتعد اليوم، نسبيًا، عن الحزب، لكن لم يرد يومًا في أدبياته وخطاباته أنّ “اتفاق مار مخايل سقط”.

هذا ما ساهم في إبقاء فجوة سلاح حزب الله على ما هي عليه، ولم تنجح كلّ المحاولات في ردم هذه الفجوة التي استمرّت إلى اليوم حين بدأ عمليًا قرار “حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية”.

أمّا “فجوة السلاح الفلسطيني” فكانت شديدة الخطورة لأنّ عمقها كان سوريا وإيران في آنٍ واحدٍ، والجميع يتذكّر أنّه في معركة مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني وتنظيم “فتح الإسلام” بزعامة شاكر العبسي، أعلن الأمين العام لحزب الله آنذاك السيد حسن نصر الله أنّ دخول المخيم “خط أحمر”، وكان تنظيم فتح الإسلام يحظى بغطاءَيْن من سوريا وحزب الله، ومعروف أنّ العبسي هرب إلى سوريا قبيل ساعات من سقوط المخيم بيد الجيش اللبناني.

اليوم بدأ سدّ الفجوة للسلاح الفلسطيني، ولو بخطى أوليّة تحتاج إلى خطوات أكبر، ولكنّها آتية، فمتى سيبدأ سدّ الفجوة الأمنية لسلاح حزب الله؟

في انتظار التقرير الشهري الأول لقيادة الجيش اللبناني عن مسار حصرية السلاح والذي يُتوقّع أن يُقدَّم مطلع الأسبوع المقبل، يمكن إعطاء بداية جواب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us