المدارس الرسمية على شفا الانهيار: الرسوم لا تكفي والصناديق فارغة!


خاص 6 تشرين الأول, 2025

إنّها صورة عن مؤسّسة عامة تُترك لتواجه قدرها بوسائل بدائية: استدانة المدير، تبرّعات الأهالي، مساهمات حزبية أو بلدية… فيما الدولة، التي يُفترض أن تضمن انتظام العام الدراسي، تكتفي بالوعود.


كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:

في كلّ عام دراسي جديد، تدخل المدارس والثانويات الرسمية في مواجهة تحدّيات مالية كبيرة، لكن هذا العام جاء العبء أثقل من أي وقت مضى. صناديق هذه المؤسسات، التي بالكاد كانت تغطي الحدّ الأدنى من المصاريف التشغيلية، أصبحت مسؤولةً عن دفع بدلات المثابرة للعاملين في المكننة والنظافة والحراسة، بالإضافة إلى الرواتب والالتزامات المعتادة، ما وضع الإدارات تحت ضغط مالي هائل.

الوضع تفاقم في وقتٍ لا تزال فيه عشرات المدارس تعاني من أضرار الحرب الأخيرة، حيث أنفقت بعض الإدارات من احتياطها المحدود لإصلاح ما تهدّم، من دون أن تُعيد الوزارة الأموال الموعودة. بعض المديرين باتوا يسدّدون النفقات من جيوبهم أو يستدينون باسمهم الشخصي، في مشهدٍ يطرح أسئلةً عن قدرة المؤسسات الرسمية على الاستمرار بلا دعم مباشر.

ويحذّر عدد من المديرين من أنّ استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى شلّ العملية التعليمية، مع تأكيدهم أنّ المدارس الرسمية لن تتمكّن من الحفاظ على انتظام التعليم في ظل هذا العجز المالي. ويقول أحدهم: “إذا بقيت الحال على ما هي عليه، فسوف نصل إلى مرحلةٍ نعجز فيها عن دفع أبسط التكاليف التشغيلية”. ويضيف آخر أنّ “غياب الدعم الفعلي للصناديق يجعل بقاء التعليم الرسمي على سكّته أمرًا مشكوكًا فيه، إذ لا يمكن لأي مدرسة أن تستمرّ بالاعتماد فقط على الاستدانة أو التبرّعات العشوائية”.

هذا الواقع يسلّط الضوء على أزمة التمويل المباشر للمدارس، إذ إنّ المبالغ التي وُضعت في تصرّف الصناديق لم تكن بحجم التحدّيات القائمة.
رسوم التسجيل للعام الدراسي الحالي توزعت بين المراحل كالآتي: ستة ملايين ليرة لكل تلميذ في الابتدائي والمتوسط، بينما بلغت في الثانويات 13 مليون ليرة. وعلى الرّغم من هذه الزيادة، يؤكّد المديرون أنّ الرسوم لا تكفي لتغطية المصاريف الأساسية مثل الكهرباء والمازوت والصيانة، فضلًا عن مستحقات المستخدمين والمتعاقدين، ما يجعل الاعتماد عليها وحدها أمرًا غير كافٍ لاستمرار العملية التعليمية.

وبحسب مصدر تربوي مطّلع، فإنّ المدارس الرسمية تعيش حالة إفلاس غير معلنة. ويشرح أنّ “رسوم التسجيل التي ارتفعت هذا العام لم تكن سوى محاولة شكلية للتهدئة، لكنّها لم تغطِّ إلّا نسبة بسيطة من النفقات، فيما بقيت الفواتير الأساسية من كهرباء ومازوت وصيانة واشتراكات ضمان وتعويضات للمتعاقدين من دون تغطية. بعض الإدارات لجأت إلى الاستدانة أو طلب مساعدات من البلديات والجمعيات، وهذا مؤشر خطير لأن المؤسّسات التربوية لا يمكن أن تُدار على طريقة المبادرات الفردية أو التبرّعات الموسمية”.
ويضيف المصدر: “ما لم تتحمّل الدولة مسؤولياتها بشكل مباشر وتغذّي الصناديق بشكل ثابت، فإنّنا سنتجه إلى انهيار كامل في منتصف العام الدراسي، وقد نشهد توقفًا قسريًا في بعض المدارس عن استقبال الطلاب”.

القصّة أبعد من مجرد أرقام. إنّها صورة عن مؤسّسة عامة تُترك لتواجه قدرها بوسائل بدائية: استدانة المدير، تبرّعات الأهالي، مساهمات حزبية أو بلدية… فيما الدولة، التي يُفترض أن تضمن انتظام العام الدراسي، تكتفي بالوعود. استمرار الوضع الحالي يهدّد صمود التعليم الرسمي ويضعه أمام أزمة مالية متصاعدة قد تعطّل انتظام المدارس بالكامل.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us