الراعي: لبنان يعيش آلامًا وأزمات لكنه مدعو لأن ينهض إلى مجد جديد!

لبنان 5 تشرين الأول, 2025

أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة قداس أحد الورديّة في الديمان إنَّ “​لبنان​ اليوم بأمسّ الحاجة إلى ​صلاة الوردية​. في زمن الأزمات والانقسامات والضياع، نحن مدعوون لأن نلتفت إلى مريم ونرفع المسبحة من أجل وطننا.”

وجاء في عظة الراعي: ” نلتقي اليوم في هذا العيد المبارك، عيد سيدة الوردية، حيث نجتمع معًا في الديمان لنختم الصيفية بالصلاة والشكر، ولنفتتح شهرًا جديدًا من التأمل والصلاة. هو يوم ترحيب ووداع في آن واحد: نرحّب بكم جميعًا، ونودّع الصيفية بروح الرجاء بلقاءات جديدة في المستقبل.
وجودكم هنا علامة محبة وإيمان، وعيد الوردية هو فرصة لنضع كل قلوبنا بين يدي العذراء مريم، أمّنا وشفيعتنا، التي ترافقنا في مسيرتنا الإيمانية والوطنية.
أخصّ بالتحية كل الحاضرين من أبناء هذه البلدة العزيزة الديمان، وكل الحاضرين”.

واضاف اللراعي: ” لنتوقف هنا عند البابا القديس يوحنا بولس الثاني، الذي جعل من المسبحة محور حياته وسر قداسته. لقد كان يرى في الوردية مفتاح التأمل في سر المسيح. وفي رسالته “Rosarium Virginis Mariae”، دعا الكنيسة كلها إلى تلاوة الوردية لأنها صلاة بسيطة وقوية في آن واحد. لم يكتفِ بالتمسّك بأسرارها الثلاثة التقليدية، بل أضاف إليها “أسرار النور”، ليجعلها أكثر اكتمالًا في التأمل بحياة المسيح. لم تكن المسبحة بالنسبة إليه مجرد صلاة إضافية، بل قلب حياته اليومية. يروي المقربون منه أنه لم ينم يومًا دون أن يتلو مسبحته، حتى أن آخر أيام حياته كانت مغموسة بتلاوتها. وعندما زار لبنان سنة ١٩٩٧ والتقى الشباب، كانت المسبحة في يده؛ وعندما غادرنا إلى السماء، كانت المسبحة رفيقته الأخيرة. لذلك يمكننا القول إن الوردية كانت سر حياته، محور قداسته، وسلاحه الروحي في مواجهة الألم والموت. وهو القائل: “مسبحة الوردية هي مدرسة التأمّل في المسيح مع عينيّ مريم”.

وتابع قائلا: ” لبنان اليوم بأمسّ الحاجة إلى صلاة الوردية. في زمن الأزمات والانقسامات والضياع، نحن مدعوون لأن نلتفت إلى مريم ونرفع المسبحة من أجل وطننا.
المسبحة الوردية، في أبعادها الروحية والكنسية، هي أيضًا رسالة وطنية. فهي سلسلة من الحبات التي يجمعها خيط واحد، كما يجمع وطننا أبناءه المختلفين والمتنوعين. إذا انقطع الخيط، تفرط الحبات وتتبعثر. لكن حين يبقى الخيط متينًا، تبقى الحبات مترابطة وتكوّن عقدًا واحدًا جميلاً. هكذا هو لبنان: إذا تماسك أبناؤه بالإيمان والوحدة، يبقى وطنًا مزدانًا بالمحبة؛ وإذا تفكك، ضاع عقده وتلاشى جماله.”
وقال: “في المسبحة أيضًا نجد الخلاص. فمن يتأمل أسرارها يعيش معنى التضحية والرجاء. كما أن أسرار الألم تسبق دائمًا أسرار المجد، هكذا لبنان: يعيش آلامًا وأزمات، لكنه مدعو أن ينهض إلى مجد جديد، شرط أن يصبر ويثبت ويضع ثقته بالرب.
صلاة الوردية هي سلاحنا الروحي ضد اليأس والانقسام. إنها صرخة في وجه الحروب الداخلية والخارجية، ونداء للوحدة والسلام. مريم سيدة الوردية تعلّمنا أن السلام يبدأ من القلب، ثم من العائلة، ثم من الوطن، ليصل إلى العالم كله. لذلك نقول: بالمسبحة، هناك الأمل، وبالمسبحة، هناك الخلاص.

في هذا العيد المبارك، نرفع صلاتنا من أجل كل واحد وواحدة منكم، ومن أجل لبنان الحبيب. نطلب من العذراء أن تزرع في قلوبنا الرجاء، وأن تحفظ وطننا من الشر والانقسام.”

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us