مقاربة واضحة لرئيس الجمهورية: لبنان لا يمكن أن يكون خارج مسار التسويات في المنطقة

الموقف الرئاسي موقف متقدم وأساسه قائم على حماية مصلحة لبنان واللبنانيين والسير في اتجاه الحفاظ على البلد والحؤول دون تعريضه لأية مخاطر، وكلام الرئيس عن ضرورة ألّا يكون لبنان خارج مسار تسوية الأزمات القائم في المنطقة يستدعي التوقف عنده بكثير من التمعن لأنه يشكل الحل الأنسب للبنان لفترة طويلة من الزمان
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
لم يكن من باب المصادفة أن يتحدث رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمام وفد إعلامي اقتصادي عن ضرورة ألّا يكون لبنان خارج مسار تسوية الأزمات القائم في المنطقة، وذلك ليقينه التام أنّ ما من خيارات متاحة إلا التسوية الكبرى. وبمراجعة بسيطة فإنّ الرئيس عون ذكر الأمر أكثر من مرة، مركزاً على أهمية التفاوض والحوار والتزام إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية ضد لبنان.
ويقود التفسير لهذا الموقف إلى القول أنّ رئيس الجمهورية يقارب الملف انطلاقاً من التأكيد أنه لم يعد في الإمكان تحمّل المزيد من الحرب والدمار والقتل والتهجير.
وإذا كان الجو العام كما قال الرئيس عون هو جو تسويات فلا بدّ من التفاوض، أما شكل هذا التفاوض فيحدد في حينه. فماذا يعني هذا الكلام؟ وأين لبنان منه؟
يقول الصحافي ابراهيم ريحان لموقع “هنا لبنان” أنه من الطبيعي أن يطلق رئيس الجمهورية هذا الموقف لأنّ ملف لبنان كان حاضراً في قمة شرم الشيخ سواء من باب مصير سلاح وقيادات حماس في لبنان أو من باب سلاح حزب الله. الدول المشاركة في هذه المفاوضات معنية اليوم بالملف اللبناني أيضاً سواء كنا نتحدث عن مصر والولايات المتحدة الأميركية والأردن وقطر والمملكة العربية السعودية وكل الدول حتى إيران، مشيراً إلى أنّ موقف الرئيس عون لا يمكن أن ينفصل عن الإطار الذي تحدث عنه الرئيس دونالد ترامب حول المشروع الأكبر أي موضوع السلام في المنطقة والذي من الواضح أنه يشكل أولوية في أجندة الرئيس الأميركي، وبالتالي فإنّ كلام الرئيس عون يلاقي هذا المزاج وهو المزاج الغالب عند أكثرية اللبنانيين التي ترفض خوض لبنان الحروب أو تعريضه لأي حرب ومن الطبيعي أن يقول الرئيس عون أنّ الوسيط الوحيد الموجود بين لبنان وإسرائيل هو الولايات المتحدة الأميركية، ومن الطبيعي أيضاً معالجة الملفات العالقة سواء بالنسبة إلى الحدود البرية أو الأسرى اللبنانيين أو التمركز الإسرائيلي في النقاط السبع في جنوب لبنان والتي تحتاج إلى وساطة أميركية ومعالجة سياسية.
ويضيف ريحان: من الواضح أنّ المعالجة العسكرية لم تؤدِّ إلى أيّ جدوى بدليل ما حصل ما بعد حرب الإسناد وتحديداً في الثالث والعشرين من أيلول وصولاً إلى اتفاق وقف النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني ٢٠٢٤.
ويعتبر رداً على سؤال أنّ الملفات العالقة بين لبنان وإسرائيل تشهد وساطة أميركية لمعالجة الأمور ولكن هل يكون الأمر بغاية السهولة أم لا؟ هناك أمور شائكة لا سيما الحدود البرية والأسرى والنقاط السبع، وما يظهر هو أنّ إسرائيل متمسكة بهذه النقاط في الجنوب وقد نشهد تطورات في هذا المجال ونأمل ألّا تكون تحت النار وهناك أرجحية أن تكون كذلك أو لا تكون أي ضمن اتفاق سلمي أو تحت إطار ضغط سياسي والأمور تسير على هذا النحو.
إلى ذلك، تؤكد مصادر سياسية مطلعة لموقعنا أنّ الموقف الرئاسي هو موقف متقدم وأساسه قائم على حماية مصلحة لبنان واللبنانيين والسير في اتجاه الحفاظ على البلد والحؤول دون تعريضه لأية مخاطر ومن هنا أتى كلامه أنّ إسرائيل ذهبت إلى التفاوض مع حركة “حماس” لأنه لم يعد لها خيار آخر بعدما جربت الحرب والدمار.
جاء كلام رئيس الجمهورية في سياق واضح ومدروس وهو يستدعي التوقف عنده بكثير من التمعن لأنه يشكل الحل الأنسب للبنان لفترة طويلة من الزمان.