الضاحية: لتسليم سلاح “الحزب” راجعوا قاآني!


خاص 20 تشرين الأول, 2025

يقول تقرير الصحيفة الفرنسية إنّه في حين وافق “الحزب” على نزع سلاحه في جنوب لبنان كجزءٍ من خطة حكومية، احتفظ “الحزب” بسلاحه في معاقل أخرى ويخضع لإعادة هيكلة عميقة وسرية — بمساعدة عملاء إيرانيين وإصلاحات داخلية واسعة النطاق.

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

يمضي قُدُمًا مسعى رئيس الجمهورية جوزاف عون لإعداد لبنان لمرحلة المفاوضات. وحدّد الرئيس عون عناوين رئيسية لهذه المفاوضات والتي بدأ يجري تداولها في الأروقة الدبلوماسية المعنية. وكانت آخر الإشارات إلى هذا الموضوع وردت في صحيفة “إسرائيل هيوم” التي كشفت أنّ مناقشات تُجرى في الأوساط العليا اللبنانية بشأن بلورة موقف موحّد حول مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، بهدف التوصل إلى اتفاقٍ لترسيم الحدود البرّية الدائمة بين البلدين.

وفي موازاة المسار التفاوضي الذي يجري بلورته بدقّة، تكشف المعلومات أن “حزب الله” الطرف المعني مباشرة بهذا المسار يذهب نحو مرحلة الاحتفاظ بسلاحه بطريقةٍ تجعل من الصعوبة بمكان اتخاذ قرار داخلي بتسليمه، وفق ما ينصّ عليه قرار وقف إطلاق النار المُبرم بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الثاني الماضي.

وأتت هذه المعلومات في وقتٍ يتصاعد مجدّدًا دخان الحرب في قطاع غزّة الذي شهد أمس تجدّدًا للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حركة “حماس”، وسط دعوة من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كي يأمر الجيش الإسرائيلي باستئناف كامل للقتال في قطاع غزة.

أمّا داخليًا، فقد أعلن مسؤول العلاقات العامة في “حزب الله” في منطقة البقاع أحمد ريا، أمس، أنّ “المقاومة أعادت ترميم نفسها وبناء قدراتها، وهي لم تُهزم، وهي جاهزة لكلّ الاحتمالات ولمواجهة كلّ التحديات”.

ماذا جاء في المعلومات حول الجانب العسكري من عمل “الحزب” والذي تستحق الاهتمام في مرحلة يسعى فيها رئيس الجمهورية إلى نزع فتيل الحرب؟

تفيد صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية بأنّ في أعقاب عملية تفجير أجهزة المناداة البيجر واغتيال الأمين العام السابق لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في أيلول العام الماضي، تمّت استعادة التسلسل القيادي لـ”الحزب” وانفصل الجناح العسكري عن الجناح السياسي.

ويقول تقرير الصحيفة الفرنسية إنّه في حين وافق “حزب الله” على نزع سلاحه في جنوب لبنان كجزءٍ من خطة حكومية، احتفظ “الحزب” بسلاحه في معاقل أخرى ويخضع لإعادة هيكلة عميقة وسرية — بمساعدة عملاء إيرانيين وإصلاحات داخلية واسعة النطاق.

وفي أعقاب اغتيال نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، سقط “حزب الله” في حالةٍ من الفوضى. وفي شهادةٍ نادرةٍ، وصف عضو في “الحزب” يُدعى “وفيق” الحالة الأولية للجماعة: “لمدّة 10 أيام، لم يردّ أحد على المكالمات. كنّا مثل جسد في غيبوبة. فقط المقاتلون في الجنوب استمرّوا في العمل، باتباع بروتوكولات الطوارئ في حالة اختفاء رقم واحد”.

وعلى الرغم من استمرار المقاتلين في جنوب البلاد في القتال، فقد قُتل حوالي 1200 منهم. ووفقًا للتحقيق والشهادات، فبعد حوالي أسبوعين، وصل الإيرانيون — بقيادة إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس — لاستعادة التسلسل القيادي. وقال وفيق: “لقد أعادوا الجيش في غضون 10 أيام، لكنّ المستوى السياسي ظلّ شاغرًا”.

ويُضيف تحقيق “لو فيغارو”: “منذ ذلك الحين، تبنّى “حزب الله” هيكلًا جديدًا. وقد صرح عضو “الحزب” في البرلمان علي فياض: “لدينا الآن هيكل عسكري جديد وسرّي، تقوده قيادة أصغر سنًّا وأكثر ديناميكية”. وهكذا عاد “حزب الله” إلى مستويات من السرية لم يشهدها منذ الثمانينيّات، ما أدّى إلى فصل جناحَيْه السياسي والعسكري واختصار سلاسل القيادة. وقال أحد المطّلعين لصحيفة “لو فيغارو”: “لا أحد يعرف من يفعل ماذا”.

ومضى التحقيق: “وعلى الرغم من نزع سلاحه في معظم جنوب لبنان، إلّا أنّ “حزب الله” يحتفظ بمخزونات الأسلحة في سهل البقاع وفي شمال نهر الليطاني”. وقال فياض: “إذا تعرّضت إيران للهجوم فلن نتدخّل”، في إشارةٍ إلى موقف دفاعي وسط الضغوط الإيرانية.

في المقابل، تواصل إسرائيل ضرباتها العسكرية شبه اليومية في لبنان. وردًّا على التقارير عن عودة “حزب الله” إلى الحدود، طمأن قائد فرقة القيادة الشمالية 91 السكان الإسرائيليين، قائلًا: “يعمل الجيش الإسرائيلي ليلًا ونهارًا لمنع إعادة تأسيس “حزب الله” في جنوب لبنان. واسمحوا لي بأن أكون واضحًا: قواعد الاشتباك لدينا لم تتغيّر. لن نسمح لـ”حزب الله” بالعمل أو إعادة البناء على الجبهة. سنواصل التصرّف بشكل هجومي ومتسق”.

وأتت طمأنة المسؤول العسكري الإسرائيلي للسكان في شمال إسرائيل في وقتٍ واحدٍ مع إطلالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإعلامية، مساء أول أمس السبت، حيث أسهب في الحديث عن اغتيال الدولة العبرية لنصر الله وتنفيذ عملية “البيجر”. لكن ما لفت الانتباه ما قاله نتنياهو عن “التهديد الإيراني”. وإذ كشف أنّ إيران كانت تعتزم إرسال فرقتَيْن جوّيتَيْن إلى سوريا، أردف قائلًا: “تمكّنا من القضاء على عدد من كبار القادة الإيرانيين، ولكن مثل الأورام في الجسد، قد تعود، لهذا نبقى يقظين دائمًا”.

بالعودة إلى المشهد الداخلي الراهن، لا يجد المراقبون صعوبةً في ملاحظة التباين بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وبين “حزب الله” في مقاربة موضوع مسار المفاوضات الذي أطلقه الرئيس عون. وظهر هذا التباين في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عندما قالت المصادر الإعلامية للرئيس بري لتلفزيون “ان بي ان” الآتي: “إن هناك تشاورًا داخليًا ستكون له تتمّات على نية ترسيم موقف لبناني موحّد لمواجهة تداعيات ما بعد اتفاق غزّة ولا سيما في ظلّ تصعيد إسرائيلي متمادٍ. وعَكَسَ التصعيد اعتداءات تدميرية متكرّرة على منشآت اقتصادية مدنية في محاولة لحرمان الجنوبيين من أي إمكانات لإعادة الإعمار”.

في المقابل، وفي وقتٍ واحدٍ، قالت مقدمة تلفزيون “المنار” في نشرتها مساء السبت: “لا شيء يعلو فوق أصوات الصواريخ الصهيونية التي تعتدي على الجنوبيين والبقاعيين وغالب اللبنانيين، إلّا الأصوات الداعية إلى مفاوضات مباشرة مع هذا العدو… وكما كانت الحجج بأن الحكمة تفرض عدم عصيان الأميركي بمطالبته بسحب سلاح المقاومة، هي نفسها التي يحملها أهل الاستسلام الذين يعتبرون أن لا حلول في الميدان إلّا بالذهاب إلى مفاوضات مباشرة مع الصهيوني مقدمة للتطبيع”.

تجدر الإشارة إلى أنّ مبادرة الرئيس عون نأت منذ البداية عن المفاوضات المباشرة.

وفي أي حال، تتّجه الأنظار إلى الأيام المقبلة وما إذا كان المسار التفاوضي سيحطّ رحاله في جدول أعمال مجلس الوزراء الخميس المقبل. لكن موضوع سلاح “حزب الله”، وهو جوهر ملف السلم والحرب في لبنان، يبدو وكأنه في عهدة طهران، وكما أشارت “لو فيغارو” هو بيد قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني.

أُخذ العلم بأنّ جواب “الحزب” على سؤال متى سيُسلّم “حزب الله” سلاحه هو: “راجعوا الجنرال الإيراني”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us