تصعيد جوي إسرائيلي بالمسيّرات: رسائل “ضغط نفسي” واتصالاتٌ لمنع التصعيد

تشهد سماء لبنان في الأيام المقبلة تحليقًا غير مسبوق للمسيّرات الإسرائيلية على علوّ منخفض جدًا، في مشهد يثير القلق لدى المواطنين بسبب أصواتها المرتفعة التي تُسمع بوضوح في عدد من المناطق. هذا التصعيد الجوي، الذي يتزامن مع توترات أمنية متزايدة على الحدود الجنوبية، يعيد إلى الواجهة المخاوف من احتمال توسّع رقعة الخروقات الإسرائيلية.
في السياق، يرى العميد المتقاعد خليل الحلو أنّ التحليق المنخفض والمستمر للطائرات المسيّرة الإسرائيلية فوق بيروت ومدن لبنانية أخرى، “يشكّل أحد أوجه الحرب النفسية الأكثر تطوّراً في الصراع القائم”، موضحاً في تصريحات لـ”الشرق الأوسط” أنّ هذا التحليق، “يشكّل رسالة متكرّرة تهدف إلى ترسيخ الشعور بأنّ اللبنانيين تحت المراقبة الدائمة، وأنّ إسرائيل قادرة على الوصول إلى أي مكان وزمان”.
ويقول الحلو إنّ “هذه المسيّرات، بصوتها المزعج أحياناً وبحضورها الدائم في السماء، تؤدي وظيفة مزدوجة: من جهة تبثّ القلق والخوف في نفوس الناس، ومن جهة أخرى تخلق انطباعاً بالهيمنة والسيطرة، وأنّ الأجواء اللبنانية مكشوفة بالكامل”. ويضيف أنّ “إسرائيل تعي تماماً الأثر النفسي لهذه المشهدية المستمرة، فالسكان يعيشون تحت طنين الطائرات بلا انقطاع، مما يولّد توتّراً خفياً وشعوراً بالعجز أمام آلة مراقبة لا تنام”.
ويشير إلى أنّ “هذه الاستراتيجية ليست جديدة، بل هي امتداد لأسلوب الحرب الذي تستخدمه إسرائيل منذ عقود، لكنّها اليوم أكثر تقدّماً بفضل التطور التكنولوجي”.
ويرى الحلو أنّ للمسيّرات “وظيفة استخبارية دقيقة”، لافتاً إلى أنّ «المسيّرات الإسرائيلية التي تُحلّق فوق بيروت ومعظم الأراضي اللبنانية هي بمعظمها غير مسلّحة، وتُستخدم للرصد وجمع المعلومات أكثر من استخدامها للضربات المباشرة”.
ويوضح أنّ “إسرائيل تمتلك منظومة متنوّعة من المسيّرات، منها قصيرة المدى تُستخدم فوق مناطق محددة، ومنها بعيدة المدى قد تصل إلى أكثر من ألف كيلومتر”، مشيراً إلى أنّ “التحليق الكثيف فوق العاصمة بيروت يتمّ عادة لأهداف رصد متقدّمة، تشمل متابعة النشاطات في الأبنية، ورصد الحركة اليومية للسيارات، وعدد الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون من مواقع محددة”.
ويشير إلى أنّ “هذه المسيّرات مزوّدة بكاميرات عالية الدقة وأجهزة تنصّت تتيح التقاط المكالمات الهاتفية وتحليلها، فيما يتولّى الذكاء الاصطناعي تصنيف البيانات ومقارنتها بالأنماط السابقة». ويضرب مثلاً قائلاً: “إذا لاحظت المنظومة أنّ بناية معينة تشهد حركة منتظمة لأشخاص محددين أو زيارات دورية كل مساء، تُدرج تلقائياً بأنها موقع مراقبة أمني متقدّم، ومع الوقت تتحول إلى هدف محتمَل”.
ويؤكد أنّ “المنظومة الإسرائيلية باتت تعتمد على تكامل أدوات الرصد من مسيّرات وأقمار صناعية وأجهزة تنصّت أرضية وتحليل ذكي، لتشكّل شبكة مراقبة متواصلة تعمل على مدار الساعة”، معتبراً أنّ «هذا الدمج بين التكنولوجيا والحرب النفسية هو ما يجعل المواجهة اليوم أخطر وأكثر تعقيداً من أي وقت مضى”.
إتصالات واستنفار
في سياق متصل، علمت “نداء الوطن”، أنّ بعبدا تواصلت مع لجنة الميكانيزم بشأن حركة المسيّرات في الأيام الأخيرة وللاستفسار عما يحضّر للبنان، لكن لم يصل جواب بعد لأنّ اللجنة ستتواصل مع إسرائيل لمعرفة اتجاه الأوضاع، مع أنّ تل أبيب لا تكشف عن خطواتها العسكرية.
كما علمت “الأنباء” أنّ رئيس الجمهورية سيواصل مساعيه عبر اتصالات دولية، لتكريس الحفاظ على الوضع الحالي، ومنع الانزلاق إلى حرب شاملة تريدها إسرائيل، وتتطلع في الحد الأدنى إلى تكريس منطقة عازلة في الضفة الحدودية من لبنان، من دون أن تستقر على مساحة معينة، بعد تدميرها بالكامل قرى الحافة الحدودية الأمامية، مع خشية تتنامى يوماً بعد يوم لدى سكان قرى الحافة الحدودية الثانية، من توسيع إسرائيل للمنطقة العازلة.
مواضيع ذات صلة :
![]() مرحلة دقيقة في لبنان: إسرائيل تصعّد و”الحزب” يعيد بناء قدراته شمال الليطاني! | ![]() عن اغتيال نصرالله و”البيجر”.. معلومات يكشفها نتنياهو للمرة الأولى! | ![]() ساعر: حماس تنتهك الاتفاق باحتجاز رفات 19 من رهائننا |