المسيّرات تطن.. والأقنعة تتهاوى!

ترجمة هنا لبنان 26 تشرين الأول, 2025

ترجمة “هنا لبنان”

كتب Marc Saikali لـ”Ici Beyrouth“:

تفوت جمهور منصتي Ici Beyrouth و This is Beirut نعمة لا تضاهى! فهذا الجمهور الذي يسكن في سواده الأعظم في البقاع البعيدة ما بين فرنسا وأميركا الشمالية وإفريقيا، لا ينعم كباقي اللبنانيين بنفس القدر من الحظ.. ولا بنفس القدر من الطنين الذي يطارد الآذان حتى يكاد يصمّها من الفجر إلى النجر!

نعم، ذلك الطنين لم يهدأ قطّ! وهذه المرة، باتت المسيّرات على مسافة أقصر من الأرض. والبيروتيون لم يفوتوا الفرصة للاستعداد لألف صورة وصورة تأخذها هذه المسيّرات لكل شيء. وآه لو أمكننا استغلال كل تلك الصور والبيانات في ما يفيدنا.. كمراقبة الطرقات وخدمة المرور مثلاً.. لَخفّ تكدّس السيارات في شوارع بيروت ولارتحنا من ساعات الإنتظار الطويلة في الزحام الذي يخنق كل تقاطع بلا أي لزوم.

الطنين يستمر ويقترب في كل آن.. أقولها فيسارع بعض أصدقائي بسذاجة لطرح السؤال حول ما يمنع “المقاومة” من إسقاطها. المقاومة؟ ولكن عن أي مقاومة تتكلمون؟ آه.. تذكرت. تقصدون حزب الله؟ أبداً! إنه خارج المعادلة فعقيدته مبنية على عدم المس بمن هو أقوى منه، وتوجيه السلاح حصراً إلى من يرفضونه. والإصرار على مواجهة من يطالب بـ”جرأة” بوجود جيش واحد ودولة واحدة. أليس ضرباً من ضروب الوقاحة أن نحذو حذو الدول المتطورة؟ أين الإبداع في ذلك؟ أليس كذلك؟ أبدعوا.. حتى النهاية!

ولكن ما الذي حذا بالمسيّرات لاستئناف جولاتها اليومية يا ترى؟ يقول الخبراء أنّ هدفًا أهم بكثير يكمن خلف الطنين: تحديث بنك الأهداف. حسناً، يبدو أنّ ذلك لا يبشّر بأي خير. والمنطق يفترض أنّ هذه العودة لم تأتِ من فراغ؛ الغربيون والأميركيون والأوروبيون في المقدّمة والدول العربية يطالبون بلا كلل بحلّ الميليشيا الموالية لإيران.. وإلا لن يتردد الإسرائيليون عن توسيع نطاق هجماتهم على ترسانة غير شرعية بلغة مجلس الوزراء اللبناني، ناهيك عن سياق الأمم المتحدة.

لكن حزب الله يدير الأذن الصماء ولا يسمع إلا ما يناسبه. وكلّما طالبه أحدهم بترك المساحة لسيادة القانون في البلاد، كلّما أضاع بوصلة النقاش. لا شك وأنّ مشكلة السمع التي يعاني منها حقيقية. والنتيجة؟ حوار الطرشان!

— رجاءً سلّموا السلاح قبل وقوع الكارثة.

— أبدًا، أطلقوا عجلة الإعمار فورًا.

— لكن ليس لدينا أي “ليرة” لإعادة الإعمار. تخلّوا عن السلاح لتفتح الأبواب على مصراعيها لمؤتمرات دولية تنقذ لبنان.

— مستحيل: الإنسحاب الإسرائيلي أولًا. على أي حال، الحزب أعاد بناء قدراته وهو مستعد لـ”نصر إلهي” جديد.

— هل أنتم بخير يا رفاق؟ ألستم أنتم من وقّع على اتفاق وقف إطلاق نار ينصّ على نزع السلاح؟

— كذب وافتراء! لم نوقع إلا لنحبط مخططات الإسرائيليين! (لا تعليق!)

خلاصة القول: تدور الأيام وهكذا تمضي الشهور والسنون.

أما آخر الإبداعات، حزب الله يعمل بخلايا مستقلة. والإسرائيليون قضوا على المستويات الثلاثة الأولى من القيادة. النتيجة: لا أحد يعرف أين مخابئ السلاح المتبقية. يصعب التصديق أليس كذلك؟ ربما، لكن الأمر ليس مستبعدًا تمامًا. والحل: ترك الجيش اللبناني في حقل من الألغام.

على صعيد السياسة، اعتبر رئيس الجمهورية قبل أيام أنّ لبنان لا يجب أن يبقى على هامش الاضطرابات الإقليمية مشيراً إلى ضرورة التفاوض مع إسرائيل. ومذّاك، عادت الأسطوانة نفسها.. حوار الطرشان.

وبالانتظار، بدأت سوريا، التي تستعد لتوقيع اتفاقات مع إسرائيل، بتقدير فاتورة إعادة إعمارها بأكثر من 200 مليار دولار ورفعت الحساب إلى المجتمع الدولي، الذي لم يتوقّف عن مدح أحمد الشّرع.

أما حماس فأبدت استعدادها لتحرير غزّة من قبضتها، والدول العربية في طابور التطبيع.. الواحدة تلو الأخرى.

في النهاية، سيبقى لبنان وحيداً.. تماماً كقرية أخيرة تجبرها إيران وأتباعها على لعب دور “المقاوم” مراراً.. ولكن هذه المرة.. في مسرحية تخلو من أيّ جرعة سحرية.

يستحضرنا في هذا السياق بيت للشاعر الفرنسي غييوم أبولينير دعا فيه لإعادة إشعال نور الروح والفكر بعد أن غرق الإنسان في ظلام القسوة والعبث.

لقد دقت ساعة الوعي! سقط القناع وانتهت الخديعة.. لن نقبل بعد اليوم بالبقاء “مخدوعي” الشرق الأوسط.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us