حادثة مروعة تهز لبنان: روايتان متناقضتان حول وفاة حليمة عرفة.. والزوج يخرج عن صمته


خاص 27 تشرين الأول, 2025

تبقى حادثة وفاة حليمة عرفة مثار جدل واسع في لبنان، مع تباين الروايات بين الزوج وعائلة الضحية، وانتشار معلومات وتسجيلات عبر وسائل التواصل. تطرح هذه الواقعة مجموعة من الأسئلة الجوهرية: ما هي الملابسات الدقيقة للوفاة؟ كيف تم التعامل مع حالة الضحية في المستشفى؟ وما هو دور السلطات القضائية والأمنية في التحقيق وضمان حقوق جميع الأطراف؟


كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:

تصدر خبر صادم مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، بعد أن اتهمت صفحة “وينيه الدولة” المواطن علي المولى بقتل زوجته حليمة عرفة عبر إحراقها، لتتحول الواقعة بين ليلة وضحاها إلى قضية رأي عام واسعة النطاق في لبنان. الأخبار انتشرت بسرعة عبر وسائل الإعلام، مصحوبة بصور وتصريحات مثيرة للجدل، ما أثار نقاشات حادة حول الملابسات الحقيقية للحادث.
مع تصاعد الجدل وكثرة التكهنات، خرج علي المولى عن صمته لتقديم روايته الكاملة حول ما حدث.

علي المولى يروي تفاصيل الحادث
يؤكد المولى أنه يشعر بأنّ الرأي العام حكم عليه قبل الاستماع إلى روايته، وأنّ الصور والتسجيلات المنتشرة لم تعكس الحقيقة كاملة. ويقول: انتشرت في الأيام الماضية تسجيلات وصور تتهمني بجريمة لم أرتكبها. أصبح الجميع قاضيًا وجلادًا في الوقت نفسه، لكن لم يسأل أحد عن الحقيقة أو يستمع لما حدث بالفعل
ويستعرض المولى خلفية علاقته بزوجته حليمة: «كنت على تواصل معها لأكثر من سنة قبل الزواج، رغم معارضة أهلها القاطعة بسبب انتمائي المذهبي. تحدّينا كل شيء وتمكنا في النهاية من الزواج بعد موافقتهم على مضض. بدأنا حياتنا بهدوء، استأجرنا منزلاً في منطقة الأوزاعي وفرشناه غرفةً غرفة، وجهزناه بكل ما يلزم لحياة مستقرة. لم يكن بيننا أي خلافات كبيرة. بعد ذلك، تم بيع المنزل القديم واستأجرنا شقة جديدة في منطقة خلدة قبل الحادث بخمسة عشر يومًا”.

قبل ساعات قليلة من المأساة، كان كل شيء طبيعيًا في المنزل، حيث كانت الأسرة تخطط للخروج في المساء. لكن الفاجعة وقعت سريعًا، وفق روايته:
“عندما عدت إلى المنزل بعد خروجي مع أولادي لشراء أغراض، وجدت الفوضى تعم المكان، والطعام متناثرًا على الأرض، وحليمة مرمية على الأرض. سألتها ماذا حدث؟ فأجابتني وهي منهارة: دقّوا الباب، اقتحموا البيت وضربوني وسرقوا أموال منزلك”.
يشير المولى إلى أنه حاول إنقاذ زوجته فورًا: «أخذتها على الفور، لم أفكر سوى في إنقاذ حياتها. تنقلت بها بين ثلاث مستشفيات، لكنهم رفضوا استقبالها. لم يكن معي سوى مئتي دولار بالكاد. في النهاية، عدت بها إلى المنزل وداويتها، وبعد يومين نقلتها إلى مستشفى سان جورج، حيث حملتها بيدي إلى الداخل وسجّلت بياناتها بنفسي، وكل ذلك موثق في سجلات المستشفى”.
ويضيف: «تواصلت مع أهلها، وأرسلت إليهم المال كي يأتوا إلى المستشفى، وبعت ما استطعت من أثاث المنزل لتأمين تكاليف العلاج. إدارة المستشفى تعاونت معي، ووقّعت تعهّدًا بالدفع لاحقًا، فقط كي تبقى حليمة على قيد الحياة”.

لكن الأمل لم يدم طويلًا، فقد لفظت حليمة أنفاسها الأخيرة بعد أيام. ويقول المولى: «انهارت حياتي. كنت أظن أني أنقذتها، فإذا بي أفقدها. ثم بدأت أسمع اسمي يتداول على الشاشات وفي الصفحات. قالوا إنني رميتها أمام المستشفى وهربت، وإنني أنا من أحرقتها”.
ويضيف: “العالم صدّق الصور قبل أن يسمع الرواية. وبدلاً من أن أدفن زوجتي بسلام، وجدت نفسي أُحاكم في ميدان الرأي العام. حتى عائلتها رفعت دعاوى قضائية ضدي، رغم أنني تواصلت معهم لحظة بلحظة. الجميع كان يعلم أنني أعمل على جمع المال لتسديد تكاليف علاجها. لم أهرب، ولم أختبئ، ولا زلت مستعدًا للمثول أمام القضاء. القانون هو حكمتي، وأنا واثق أنه سيُظهر الحقيقة”.

ويختتم المولى روايته قائلاً: «خسرت زوجتي، وخسرت سمعتي، لكنني لم أخسر إيماني بأن الله لا يظلم أحدًا. أنا بريء، وحليمة كانت أحب الناس إلى قلبي. أتمنى فقط أن يتوقف التشهير، وأن تُترك الكلمة الأخيرة للقضاء لا للشائعات. كل ما أريده هو أن يُعرف الحق… حقي وحقها”.

رواية شقيق الضحية علاء عرفة
من جهته، أكد علاء عرفة أنّ العائلة “متأكدة تمامًا من الملابسات التي أدت إلى وفاة شقيقتي حليمة”.
وأضاف: «بعد زواجها، لاحظنا تغيّرات كبيرة في سلوكها، فقد كانت تتواصل معنا أسبوعيًا لكنها بدت مضطربة وخائفة، وكأنّ هناك من يهددها أو يُجبرها على إخفاء شيء عن أهلها».

وأوضح عرفة أنّ العائلة تلقت لاحقًا معلومات من زوج الضحية تفيد بأنّ منزله تعرض للسرقة وأنّ شقيقتهم قد تم اختطافها، وبعد ذلك أُبلغوا بأنها نقلت إلى المستشفى”.

وأشار إلى أنّ “حليمة كانت قبل أسابيع من وفاتها تتحدث مع والدتها عبر تسجيل صوتي، تعبر فيه عن خوفها من زوجها، وقال: هذا التسجيل موجود لدينا وقد أُبلغت عنه الجهات المختصة. حاولنا التواصل مع زوجها لمعرفة ما يحدث، لكنه لم يرد علينا”.
وأضاف عرفة أنّ متابعة القضية مع المحامين والجهات الأمنية كشفت أنّ زوجها معروف بماضيه المشبوه في لبنان”.
ومع تصاعد الأحداث، أعرب شقيق الضحية عن استنكاره لاحتجاز مستشفى “السان جورج” لجثة شقيقته، واصفًا ذلك بأنه “ضد الإنسانية”، مؤكداً أن هذا يزيد من معاناة العائلة ويثير تساؤلات حول الإجراءات المتبعة.
إلا أن مصادر مطلعة أكدت أنّ المستشفى نفت احتجاز الجثة، مشيرة إلى أنّ العائلة لم تطلب إخراجها رسميًا بعد. وأكدت المصادر أن التواصل مع الزوج جرى، حيث أعلن استعداده لتقديم تعهد بدفع المبالغ المطلوبة فور تأمينها، مقابل استلام الجثة، وقد أكدت المستشفى بحسب المصادر أنّ “إكرام الميت يكون بدفنه وفق القوانين والأعراف الإنسانية”.

وبحسب مصادر “هنا لبنان”، جرى بعد وفاة حليمة عرفة تواصل بين عائلتها والمتهم علي المولى، بهدف التراجع عن الدعوى المقدمة من قبل العائلة، وتشير المعلومات إلى وجود تسجيلات صوتية توثق هذا الاتصال. إلا أنّ العائلة أكدت أنّ أي تواصل مع المولى تم بالتنسيق مع الجهات المعنية، وكان الهدف منه الإيقاع بالمتهم وضمان متابعة التحقيقات معه، وليس التراجع عن أي حق قانوني أو إسقاط الدعوى.

تفاصيل التحقيق والملابسات الجنائية
وعند سؤاله عن إمكانية أن تكون الجريمة بداعي السرقة، استبعد علاء عرفة هذا السيناريو بشكل قاطع، قائلاً: «الوحشية والمدة الطويلة التي استمرت فيها الجريمة لا تتناسب مع عملية سرقة، وهذا يشير إلى أن الحادث كان متعمدًا وإجراميًا».
وأكد أنّ الطبيب الشرعي أثبت أن الوفاة حدثت بعد ثمانية أيام من التعذيب، مع وجود آثار عنف واضحة على جسدها إلى جانب الحروق. وأضاف أنّ زوجها، علي المولى، وضعها في المستشفى ثم فر، وهو ما عزز شكوك العائلة حول ملابسات وفاتها.
وختم علاء عرفة بالقول: «نحن نطالب بالعدالة لشقيقتي ونعمل مع الجهات الأمنية من أجل كشف الحقيقة، بعيدًا عن أي تسييس أو تحيز. هدفنا الوحيد هو إيصال الحقيقة للرأي العام بشكل واضح وصريح. وأود أن أعرب عن تقديري لكل من دعمنا في هذا الظرف الصعب، ونسأل الله أن يمنحنا الصبر ويُمكّن العدالة من أن تأخذ مجراها”.

تبقى حادثة وفاة حليمة عرفة مثار جدل واسع في لبنان، مع تباين الروايات بين الزوج وعائلة الضحية، وانتشار معلومات وتسجيلات عبر وسائل التواصل. تطرح هذه الواقعة مجموعة من الأسئلة الجوهرية: ما هي الملابسات الدقيقة للوفاة؟ كيف تم التعامل مع حالة الضحية في المستشفى؟ وما هو دور السلطات القضائية والأمنية في التحقيق وضمان حقوق جميع الأطراف؟

في ظل هذه التساؤلات، يبقى الطريق واضحًا نحو التحقيق القضائي الموضوعي والشفاف، الذي يمكن من خلاله الوصول إلى الوقائع الكاملة بعيدًا عن التكهنات والشائعات، مع الحرص على احترام حقوق كل الأطراف المعنية.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us