دماء الشباب تُهدر في مخيم شاتيلا… ووالد إيليو أبو حنّا: عتبنا على الدولة كبير!

هذه المظاهر لا تهدّد حياة الأفراد فقط، بل تهدّد مستقبل المجتمع بأسره، وتزرع الخوف في قلب كلّ من يعيش بين الأزقة الضيقة والمناطق المزدحمة. لم يعد من المقبول أن تستمرّ المخيمات ميدانًا مفتوحًا للأسلحة غير القانونية، أو أن تتحوّل تجارة المخدرات إلى مصدر تهديد دائم للشباب.
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
اهتزّ مخيم شاتيلا مؤخّرًا بحادثة مأساوية أودت بحياة الشاب العشريني إيليو أبو حنا، تاركةً صدمةً كبيرةً بين الأهالي وجرحًا عميقًا في قلب عائلته. الحادثة لم تكن مجرّد واقعة عابرة، بل كشفت حجم التحدّيات الأمنية داخل المخيمات والمناطق المحيطة بها، حيث يختلط المدنيون مع نقاط مسلحة وتجّار مخدرات، وسط بيئة غير منظّمة وغياب رقابة أمنية فعلية.
والد الضحية، وليد أبو حنا، عبّر عن ألمٍ شديد وعتبٍ عميقٍ على الأجهزة الأمنية، مؤكدًا أنّ انتشار الأسلحة في المخيمات وفوضى الحواجز والمظاهر المسلحة يزيد من مخاطر فقدان حياة الأبرياء: “كم من شباب سقطوا ضحية الرصاص العشوائي؟ كم من عائلات فقدت فلذات أكبادها؟ الدولة مسؤولة عن حماية هؤلاء المدنيين، ويجب أن تُنفَّذ العدالة بشكلٍ عاجلٍ وشفافٍ”.
ويقول الوالد، في حديث خاص لـ”هنا لبنان”، وهو يستعيد تفاصيل الحادثة: “إيليو كان شابًا طبيعيًا، يعيش حياته اليومية، خرج بسيارته لتناول العشاء في منطقة بدارو، ولمّا أراد العودة لجأ إلى تطبيق تحديد المواقع للوصول إلى منزله، إلّا أنّه دخل عن طريق الخطأ إلى أزقة ضيقة ومعقّدة داخل مخيم شاتيلا لم يكن يعرفها جيدًا. وبينما حاول التحرّك بسرعة لتجنّب أي تهديد، وقع في سلسلة إطلاق نار أودت بحياته”.
ويضيف: “بحسب تقديري، المشهد كان مخيفًا للغاية بالنسبة لإيليو، فالطرق ضيقة، والحواجز والأشخاص المسلحون موجودون في كل زاوية. أي شخص مكانه كان سيشعر بالرعب نفسه، وهو لم يعتدْ هذه المظاهر الغريبة”.
وفيما يتعلق بالشائعات التي تناولت أن ابنه كان متجهًا لشراء المخدرات داخل المخيم، ينفي والد الضحية هذه الادعاءات تمامًا، مؤكدًا أنّ إيليو لم يشارك في أي نشاط غير قانوني، وأنّ سيارته كانت خالية من أي مواد مخدرة، والفحوصات الطبية أكدت ذلك. وأضاف الأب أنّ كل ما فعله ابنه أنّه حاول المرور عبر الطريق الأقصر للوصول إلى منزله، لكنّه فقد حياته في الحادث المأساوي.
ويشير إلى أنّ النقطة التي وقع فيها الحادث معروفة بوجود تشويش على إشارات “GPS”، وأنّ حوادث مشابهة وقعت سابقًا، ما يعكس خطورة الوضع الأمني وغياب التنظيم الكافي لحماية المدنيين.
ويؤكد أبو حنا أنّ الحادثة ليست مأساة عائلية فحسب، بل جزء من واقع أمني هشّ يعيشه الشباب في المخيمات والمناطق المحيطة، حيث تنتشر الأسلحة وتجارة المخدرات بحرية، ويعيش المواطنون في خوفٍ دائمٍ. وأفاد الأب أيضًا بأنّه علم مؤخّرًا أن السلطات أوقفت ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم بالجريمة، مؤكدًا أن العدالة يجب أن تشمل كل المتورّطين من دون استثناء.
وتساءل والد الضحية، خلال حديثه، عن الدور الذي يُفترض أن تقوم به الدولة في حماية المدنيين: “لماذا لا تُغلق الدولة المداخل والمخارج في المخيم لحماية المارّة من الخطر؟ ولماذا لا تسحب الأسلحة الخفيفة المنتشرة بين أيدي القيّمين على المخيم وتجار المخدرات؟ وما جدوى اتفاقية تسليم السلاح التي قامت بها الدولة مؤخرًا إذا ظل الوضع على حاله؟”.
ويعتب الأب المفجوع على الدولة قائلًا: “كلّ يوم نعيش في خوف، الشباب يسيرون في مناطق غير آمنة وسط نقاط مسلحة، والمخاطر تتضاعف مع انتشار مظاهر التسلح. الدولة تتحدّث عن القوانين والاتفاقيات، لكن على أرض الواقع، المدنيون ما زالوا عرضةً للرصاص العشوائي وللخطر في كل زاوية”.
ويوضح أنّ هذه الممارسات وعدم تطبيق القوانين بشكل حازم تجعل المواطن اللبناني يشعر بالغربة داخل وطنه.
ويتطرق إلى تأثير الحادثة في عائلته: “ابني كان فلذة كبدي، ولدي ابنة أيضًا، وهي اليوم تعيش صدمة فقدان أخيها الوحيد. دمّر هذا الحادث حياتنا بالكامل. وما يزيد وجعنا أنّ المجرمين الذين يقتلون شبابنا يُفرج عنهم بعد فترة قصيرة، بينما نحن ندفع من ضرائبنا لإطعامهم في السجون”.
ويختم والد إيليو حديثه بنداء إلى الإعلام والمجتمع والدولة: “نطالب بأن تظلّ هذه القضية حيّة على وسائل الإعلام حتى تتحقّق العدالة. لا يمكن أن يذهب دم ابني هدرًا. هذه الجريمة ليست مأساة عائلتي فقط، بل مأساة وطن يعيش فيه الشباب في خطر دائم. نرجو من الدولة اللبنانية التحرّك الفوري، وضمان حماية المدنيين، وإزالة التجاوزات المسلحة من المخيمات، حتى لا تتكرّر مثل هذه المأساة مع أي أسرة أخرى”.
دماء الشباب تُهدر بلا سبب، وأرواح الأبرياء تُزهق وسط فوضى الأسلحة وانتشار المخدرات داخل المخيمات. هذه المظاهر لا تهدّد حياة الأفراد فقط، بل تهدّد مستقبل المجتمع بأسره، وتزرع الخوف في قلب كلّ من يعيش بين الأزقة الضيقة والمناطق المزدحمة. لم يعد من المقبول أن تستمرّ المخيمات ميدانًا مفتوحًا للأسلحة غير القانونية، أو أن تتحوّل تجارة المخدرات إلى مصدر تهديد دائم للشباب. الحاجة أصبحت ملحّةً لوضع حدّ لهذه الفوضى: نزع سلاح المخيّمات، تفكيك شبكات المخدرات، وإعادة الأمن والأمان للمدنيين.
مواضيع مماثلة للكاتب:
حادثة مروعة تهز لبنان: روايتان متناقضتان حول وفاة حليمة عرفة.. والزوج يخرج عن صمته | أنطوان حبيب يدقّ ناقوس الخطر: حلم السكن في لبنان مهدّد! | بيروت بين السمّ والحدائق: قاتل القطط ينشر الموت بصمت! |




