نجم الأفوكادو يلمع في المشهد الزراعي اللبناني

ترجمة “هنا لبنان”
كتبت Christiane Tager لـ”Ici Beyrouth“:
شهد لبنان في السنوات الأخيرة تحولاً لافتًا في خريطته الزراعية، حيث برزت فاكهة الأفوكادو كأحد رموز هذا التغيير. وهكذا.. من صور إلى البترون، تكاثرت البساتين التي يستثمرها مزارعون رؤيويون يطمحون لإغناء أرضهم بزراعة مجدية ومربحة، بعدما ضاقت بهم تقلبات القطاعات الزراعية التقليدية.
ودخلت شجرة الأفوكادو بقوة في المشهد الزراعي اللبناني، بل وتحوّلت إلى عنوان لنجاح زراعي جديد. وخلال مواسم قليلة، استطاعت هذه الفاكهة فرض حضورها في الأسواق. وتساهم في ذلك عوامل عدة، فهي تغري المزارعين بعائدها المرتفع، والمستهلكين بمذاقها المميز والمصدرين بفرصها الواعدة في الخارج. وبينما يبحث القطاع الزراعي عن نَفَسٍ جديد يعيد إليه الحياة، يبدو أنّ الأفوكادو، الذي كان يقتصر على تجارب محدودة، يقدّم للبنان قصة نجاح حقيقية.. لكنها تحتاج إلى إدارة رشيدة وتخطيطٍ حذر.
نمو متسارع وإقبال غير مسبوق
الأرقام تؤكد أنّ لبنان يشهد طفرة في زراعة الأفوكادو. وقد غرست نحو مليون شجرة عام 2024، في مؤشر واضح على حجم الإقبال، حسب ما أكد أحد المزارعين في حديث لـIci Beyrouth . ويقدّر الإنتاج السنوي اليوم بما بين 20 و25 ألف طن، بمعدل إنتاج يُعتبر ممتازًا مقارنة بالمساحات المزروعة.
ومع ذلك، تتطلب شجرة الأفوكادو عناية دقيقة، إذ تحتاج لكميات كبيرة من المياه ولمناخ حار ومستقر قد تصل حرارته إلى 38 درجة مئوية.
وفي هذا السياق، يعلق أحد المزارعين بالقول إنّ “الأمطار كانت قليلة هذا العام، لكننا عوّضنا بكثرة الريّ. تنمو الأشجار جيدًا حتى ارتفاع 500 متر عن سطح البحر، ولهذا تنتشر خصوصًا في الساحل الجنوبي (صيدا، صور، النبطية) وكذلك في الشمال من البترون حتى الكورة”.
أما موسم الحصاد فيمتدّ من نوفمبر حتى مايو، وهي فترة تزدهر فيها الأسواق اللبنانية بهذه الفاكهة التي باتت حاضرة في معظم البيوت وجزءًا أساسيًا من المائدة المحلية.
أصناف متنوعة بنكهات لبنانية
تتنوع أصناف الأفوكادو المزروعة في لبنان بين “لامب هاس” و”بينكرتون” و”إتينغر” و”فويرتي” و”ريد”، ولكل صنف خصائصه من حيث المقاومة للحرارة أو القوام أو نسبة الزيت. ويشجَّع المزارعون على تنويع الزراعة تفاديًا لاحتكار صنف واحد وتعزيزًا للمقاومة ضد الأمراض.
وعلى الرغم من تعرض بعض الأشجار لفطريات أو حشرات أحيانًا، يمكن مكافحتها بسهولة دون الإضرار بجودة الثمار أو زيادة نسب المبيدات، ما يجعل الإنتاج اللبناني أكثر أمانًا وجودة.
رهان مربح واستثمار طويل الأمد
في بلد يعاني فيه المزارعون من ضيق الموارد وارتفاع التكاليف، يشكل الأفوكادو بصيص أمل في المشهد الزراعي. فسعر الكيلوغرام الواحد عند المزارع يتراوح بين 1.5 و2 دولار، ما يوفّر هامش ربح معقول حتى في أصعب الظروف.
ويؤكد أحد المزارعين في هذا السياق: “إلى جانب الموز، يُعدّ الأفوكادو من أكثر الزراعات ربحًا اليوم في لبنان”. صحيح أنّ كلفة الغرس ليست بسيطة، إذ يتراوح سعر الشتلة بين 20 و30 دولارًا وتحتاج إلى ثلاث سنوات قبل أول حصاد، لكن المردود اللاحق مستدام ويغطي التكلفة بسرعة.
من الأسواق المحلية إلى التصدير العالمي
لم يعد لبنان يكتفي باستهلاك إنتاجه المحلي، بل بدأ يصدّر بين 10 و15% من محصوله السنوي، أي نحو 10 آلاف طن. وتشمل الأسواق الرئيسية دول الخليج ومصر والأردن، إضافة إلى فرنسا وألمانيا وهولندا حيث ذاع صيت الأفوكادو اللبناني بفضل جودته العالية وتزايد الطلب العالمي.
وتشير التقديرات إلى أنّ ما بين 1600 و2000 هكتار من الأراضي اللبنانية مخصصة اليوم لزراعة الأفوكادو، وهو رقم آخذ في الارتفاع مع تزايد الأرباح وازدياد الوعي بأهمية التنويع الزراعي.
وعلى الرغم من التحديات المناخية وشحّ المياه، يبدو أنّ لبنان وجد في الأفوكادو نموذجًا لزراعة عصرية قادرة على الصمود والتكيّف. في المحصلة، هي قصة عن إرادة الحياة في أرضٍ أنهكتها الأزمات، لكنها لا تزال تنبت أملاً أخضر في كل موسم..
مواضيع ذات صلة :
|   10 أطعمة تساعد في إنقاص الوزن |   دراسة: تناول الأفوكادو يومياً يحسّن نوعية النوم وصحة القلب |   الأفوكادو والتخسيس.. علاقة مهمة يجب أن تستفيد منها | 



 
			
