لبنان والفرصة الأخيرة

ترجمة هنا لبنان 6 تشرين الثانى, 2025

كتب Charles Chartouni لـThis Is Beirut”:

قادة لبنان يتشبثون بأفكار عفا عليها الزمن، رافضين التكيف مع الواقع الإقليمي الجديد.

في الوقت الذي كثفت فيه واشنطن جهودها الدبلوماسية لنقل شعور بالإلحاح للبنان وصدّ أي تهديد بحرب جديدة من إسرائيل، أظهر القادة اللبنانيون ضعفًا صارخًا وعجزًا عن كسر قيود الماضي. ولعل مجرد الاستماع لتصريحات الرئيس جوزاف عون يكفي ليخيب الأمل في أي استعادة لمصداقية لبنان السياسية أو الأخلاقية. لبنان اليوم على مفترق طرق حاسم: إما الإصلاح الجذري أو دفع الثمن الباهظ لسياسات فارغة ومتهالكة.

الدبلوماسية الأميركية لم تدّخر جهدًا لإقناع الحكومة اللبنانية بتنفيذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024 والانخراط في خطط واشنطن للسلام في الشرق الأوسط. ومع ذلك، جاءت النتائج مخيبة للآمال: الحكومة اللبنانية فشلت في الوفاء بالتزاماتها، فيما تواصل إسرائيل استهداف البنية التحتية العسكرية لحزب الله، في مشهد صادم يفضح إخفاق قادة لبنان في ضبط ترسانة الحزب والتعامل مع تهديداته أمام العالم بأسره.

وتتعدى أفعال حزب الله مجرد العناد السياسي، فهي تهدد أساس قدرة لبنان على أن يكون دولة ديمقراطية ليبرالية. خطاب الحزب يرفض بشكل صارخ السردية المؤسسة للبنان ويطعن في منطق الدولة نفسه. وما يظهر خارج سيطرة الدولة اللبنانية ليس مجرد صدفة عابرة، بل نتاج خيارات استراتيجية وأيديولوجية متعمدة اتخذها القادة اللبنانيون على مدى عقود.

إنّ تجاهل لبنان المتعمد لشروط وقف إطلاق النار لا يُعد مجرد انحراف سياسي عن الاتفاق، بل يمثل قرارًا استراتيجيًا وإعادة ترتيب سياسي محورية تعيد تشكيل الديناميات داخليًا وخارجيًا. فشل القادة اللبنانيين في الالتزام ببنود الاتفاق يغذّي الانقسامات السياسية الراسخة ويضع البلاد على طريق محفوف بالمخاطر، فيما تتآكل مصداقية الدولة أمام العالم يومًا بعد يوم.

وبعيدًا عن كونها أحداثًا معزولة، تعيد إعادة الترتيب الاستراتيجي التي تقودها إسرائيل رسم المشهد السياسي والاستراتيجي في المنطقة بالتوازي مع الدبلوماسية الأميركية. أما لبنان فيظل الاستثناء المتمسك بأفكار بالية ويرفض مواجهة الواقع الإقليمي الجديد. الانقسامات الأيديولوجية والاستراتيجية في أعلى مستويات السلطة التنفيذية مدمرة سياسيًا، تقوّض مكانة لبنان الدولية وقدرته على العمل كفاعل مستقل بعيدًا عن نفوذ محور المقاومة الإيراني. ولا بدّ من وضع حد لهذه المراوغات فورًا.

قادة لبنان اليوم مرآة للفساد الذي ابتلع منظومته السياسية لعقود. لبنان لم يعد سوى ديمقراطية وهمية، تحكمها أوليغارشية هجينة من زعماء ميليشيات، سياسيين فاسدين وخاضعين، وبقايا النظام الإقطاعي القديم. وحتى إذا جرت الانتخابات البرلمانية في 2026 في موعدها، فمن الصعب تخيل أي تغيير حقيقي يلوح في الأفق.

لبنان على مفترق طرق خطير: إذا أراد استعادة مكانته السياسية، فعليه أن يكسر دائرة الانهيار قبل أن تغرقه. محاولات النظام الإيراني لإحياء محور وكلائه المدمر محكوم عليها بالفشل، ولن تزيد إلا في تعميق الأزمات والكوارث التي خلفتها أطماعه الإمبريالية. الوقت ينفد، وعلى لبنان التخلص من سياسات الماضي الفاسدة، واختيار مسار جديد نحو المستقبل مع إعادة ترتيب استراتيجية حاسمة وجريئة!

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us