بيروت تتفرّج ودمشق تتقدّم.. سويسرا الشرق غيَّرت عنوانها

ترجمة هنا لبنان 11 تشرين الثانى, 2025

كتب Marc Saikali لـ”Ici Beyrouth“:

المشهد أصدق أنباء من أيّ خطب: نجم سوريا يلمع فجأة في المنطقة والرئيس السوري أحمد الشرع حلّ ضيفًا على البيت الأبيض نهار الإثنين.
يا للمفارقة! كم يعشق العالم القصص المدهشة والتحولات المفاجئة! ها هو الرجل الذي كان يرمز للعداء والخطر والمدرج على قائمة المطلوبين قبل عام واحد فقط، بات شريكاً مقبولاً ورمزًا للاستقرار والأمن والعودة الإقليمية. وكل ذلك، بمفتاح الأمن.
الأمن.. كلمة سحرية واحدة فتحت أمامه كل أبواب الغرب: رُفعت العقوبات وتدفّقت الأموال وتحوّلت دمشق إلى ورشة استثمار خليجية، بأرقام مذهلة: 28 مليار دولار في ستة أشهر! وفي المقابل، يا للخيبة… لبنان، المعروف سابقاً بـ “سويسرا الشرق”، يراقب جارته الشقيقة بدهشة وغيرة.
المشهد معكوس بالكامل: الدول الغربية تعيد فتح سفاراتها في دمشق والشركات تتسابق لعقد الصفقات.. الوزراء السوريون يجلسون قبالة نظرائهم الإسرائيليين دون خشية من تهمة “الخيانة” التي تلاحق كل لبناني قد يفكر حتى بخطوة مشابهة.
كما تجري محادثات متقدمة حول اتفاقات أمنية بين البلدين، حتى أنّ الجيش الأميركي يستعد لإنشاء قاعدة في دمشق! وهو أمر كان يعد من المستحيلات قبل سنوات، حتى في الخيال.
ومن الجانب الآخر من الحدود… لبنان الغارق في شلله، يتردّد ويتناحر ويطلب الإذن من الميليشيا قبل أن يتنفس. اقتصاده متجمّد، المرافئ شبه ميتة، وشبابه يهاجرون.
وبينما تلملم سوريا شتاتها وتبني وتزدهر، ينهار لبنان ويتآكل. دمشق تجذب الأموال، وبيروت تتسوّل الفتات. هناك يُتّخذ القرار، وهنا تُعقد الاجتماعات الفارغة عن “الإصلاحات الضرورية” و”نزع السلاح” بينما يتسلل الموت إلى رحم الحياة.
ولا يلام في ذلك إلا حزب الله الذي يمنع قيام دولة حقيقية في لبنان، ويبقيه رهينة لإيران.
ثم تبرز الصورة الرمزية القاتمة: الوضع يقترب من حدود العبث: من يدري؟ ربما نشهد قريباً عبور اللبنانيين الحدود بحثًا عن عمل في حمص أو حلب، ربما نراهم يتجوّلون في شوارع دمشق ليبيع الحلويات أو التحف الصغيرة، أو يحرسون أبواب الأبنية الجديدة التي يملكها السوريون الأغنياء. ومن يدري؟ ربما يستعين سكان المدن السورية بعد الإعمار بحراس ومساعدين لبنانيين.. لأنّ اليد العاملة اللبنانية قد تغدو أرخص من اليد المحلية.
وربما تتضاعف هجرة العقول بموجة جديدة من هجرة الأيدي العاملة.
وعلى هذا المنوال، يبدو أنّ سويسرا الشرق قد غيّرت عنوانها: لقد عبرت جبال لبنان الشرقية وغرست علمها في الشرق. ولبنان الذي كان ذات يوم النموذج والملاذ، يكتفي كالعادة بمشاهدة القطار يمرّ، بأناقة ومرارة وحسٍّ مأساويٍّ بالتأخّر عن الركب!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us