ماذا وراء عودة فرنسا إلى بيروت؟!

لا يُنظر إلى هذا التحرّك على أنّه بديل عن دور الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، بل مكمّل له. فلودريان يواصل متابعة الملف اللبناني ضمن مقاربة تجمع بين البُعد الإقليمي والدبلوماسية الثنائية، انطلاقًا من إدراك باريس أنّ استقرار لبنان بات مرتبطًا بالتوازنات الأوسع في المنطقة.
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
تشهد الساحة اللبنانية مجدّدًا حراكًا فرنسيًّا متزايد الوتيرة يعكس رغبة “الإليزيه” في استعادة زمام المبادرة في ملفٍّ ظلّ تاريخيًا ضمن دائرة اهتمام باريس. وتأتي الزيارة المرتقبة لمستشارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط، آن كلير لوجاندر، إلى بيروت هذا الأسبوع، في لحظةٍ دقيقةٍ تتشابك فيها الحسابات اللبنانية الداخلية مع التعقيدات الإقليمية المتسارعة.
تتمتّع لوجاندر بخبرةٍ معمّقةٍ في الشأن اللبناني، وتُعدُّ من أبرز العارفين بتفاصيله داخل الدوائر الفرنسية، ما يجعل زيارتها أكثر من مجرّد خطوةٍ بروتوكوليةٍ. فهي تسعى إلى جسّ نبض القوى السياسية اللبنانية واستطلاع مدى استعدادها للتجاوب مع المقاربات الفرنسية الجديدة، لا سيّما ما يتعلّق بـ”ملفٍ سلاح حزب الله” الذي يشكّل محور تباينٍ دائم بين باريس وسائر العواصم المؤثّرة في المشهد اللبناني.
وفي سياقٍ موازٍٍ، تدرس الرئاسة الفرنسية احتمال قيام الرئيس ماكرون بزيارة إلى بيروت الشهر المقبل، في إطار تقليدٍ درج عليه الرؤساء الفرنسيون لزيارة الكتيبة الفرنسية العاملة ضمن قوات حفظ السلام في الجنوب خلال فترة عيد الميلاد. غير أنّ البُعد الرمزي لهذه الزيارة المحتملة لا يُلغي بُعدها السياسي العميق، إذ تسعى باريس من خلالها إلى إعادة تثبيت حضورها الميداني والسياسي في لبنان، بعد تراجعٍ ملحوظٍ في تأثيرها خلال الأشهر الماضية لصالح لاعبين إقليميين آخرين.
ولا يُنظر إلى هذا التحرّك على أنّه بديل عن دور الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، بل مكمّل له. فلودريان يواصل متابعة الملف اللبناني ضمن مقاربة تجمع بين البُعد الإقليمي والدبلوماسية الثنائية، انطلاقًا من إدراك باريس أنّ استقرار لبنان بات مرتبطًا بالتوازنات الأوسع في المنطقة.
ويأمل بعض المراقبين أن تشكّل سلسلة الزيارات الدولية الرفيعة المرتقبة إلى بيروت، وفي طليعتها زيارة البابا لاوون الرابع عشر أواخر الشهر الجاري، فرصةً لتبريد الجبهة اللبنانية وإبعادها عن أي تصعيد إسرائيليّ واسع قد يجرّ البلاد إلى مواجهةٍ مُدمّرة.
ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: هل تملك فرنسا اليوم الأدوات الكافية لتغيير المُعادلة اللبنانية، أم أنّ حراكها سيظلّ محصورًا في الرمزيّة التاريخيّة لعلاقاتها مع لبنان؟!.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تغييريون وباسيليون في خندق واحد | خطاب باسيل الانتخابي: عصفوران بحجر | أيّ 13 تشرين سيتذكّر “التيّار”؟! |




