“مصرف لبنان” يستعدّ لتعميم جديد: تحويلات داخل لبنان فوق الألف دولار ستدخل دائرة المراقبة!


خاص 14 تشرين الثانى, 2025

الوفد الأميركي الذي زار بيروت مؤخرًا برئاسة سيباستيان غوركا أثار هذا الملف بشكل مباشر، نَقَلَ “وصايا عشر” طالبت الإدارة الأميركية السلطات اللبنانية بتنفيذها قبل نهاية العام الجاري، وتُركّز هذه البنود على سلسلة من الإجراءات السياسية والمالية والأمنية.

كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:

في خطوةٍ جديدةٍ تعكس تشدّدًا مُتزايدًا في السياسة النقدية والرقابية، يستعدّ “مصرف لبنان” لإصدار تعميم جديد موجّه إلى شركات الصيرفة وشركات التحويل المالي، يقضي بفرض إجراءات صارمة على كلّ من يقوم بتحويل أموال داخل لبنان بقيمة ألف دولار أميركي أو أكثر.

وتأتي هذه الخطوة في إطار تعزيز الامتثال لمعايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتشديد الرقابة على حركة الأموال في السوق المحلية. ويُنظر إلى هذا القرار المرتقب على أنّه جزء من حزمة أوسع من التدابير التنظيمية التي تهدف إلى تجفيف أيّ مصادر مالية يمكن أن تُستخدم لتمويل جهاتٍ محليةٍ مُصنّفة دوليًا، وفي مقدمتها حزب الله.

وبحسب البروفيسور جاسم عجاقة، الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، فإنّ هذا الإجراء المرتقب يأتي نتيجة ضغوطات دولية، وخصوصًا أميركية، تتعلّق بالاقتصاد النقدي (اقتصاد الكاش) في لبنان.

ويُتوقع، بحسب عجاقة، أن يُصدر مصرف لبنان تعميمًا جديدًا يفرض على شركات الصيرفة والتحويل المالي التحقّق من مصدر أي تحويل مالي تتجاوز قيمته ألف دولار أميركي، وذلك من خلال اعتماد نظام “اعرف عميلك إلكترونيًّا” (E-KYC) الذي يسمح بتتبّع هوية المحوِّل ومصدر أمواله بشكلٍ دقيقٍ.

ويشير عجاقة إلى أنّ الهدف من هذا الإجراء هو الحدّ من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، في انتظار إعادة هيكلة القطاع المصرفي ونقل معظم العمليات المالية من التداول النقدي إلى القنوات المصرفية الرسمية. ومن الناحية العملية، قد يُطلب من الشخص الذي يُجري التحويل إبراز بطاقة هويته أو تصويرها أثناء العملية، لتُستخدم هذه المعلومات في التحقّق من تصريحاته حول المداخيل ومتابعة حركة أمواله، ضمن آلية رقابية جديدة تهدف إلى تعزيز الشفافيّة ومراقبة حركة السيولة النقدية داخل لبنان.

تأتي هذه الخطوة بعد أن وقّع مصرف لبنان اتفاقًا مع شركة “K2 Integrity”، وهي من أبرز الشركات الاستشارية العالمية في مجالات إدارة المخاطر والامتثال ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وستتولّى الشركة تقديم الدعم الفني والاستشاري للمصرف المركزي، بهدف تطوير الأنظمة الرقابية وتعزيز الشفافية المالية، في خطوةٍ يُراد منها استعادة الثقة الدولية بقدرة لبنان على ضبط حركة أمواله ومصارفه وفق المعايير العالمية.

وتُعرف “K2 Integrity” بخبرتها الواسعة في العمل مع مصارف مركزية وحكومات ومؤسسات مالية حول العالم، كما تضم فرقًا متعدّدة الاختصاصات تستخدم تقنيات متقدمة في التحليل المالي والاستخبارات الاقتصادية والأمن السيبراني، ما يجعلها شريكًا مُناسبًا في الجهود الجارية لإعادة هيكلة المنظومة الرقابية اللبنانية.

بحسب مصادر مطلعة، فإنّ هذا التعاون يندرج ضمن خطة شاملة يعمل عليها المصرف المركزي للحدّ من توسّع الاقتصاد النقدي، ومواجهة أي أنشطة مالية مشبوهة يمكن أن تضرّ بسمعة النظام المالي اللبناني. كما يأتي في سياق المساعي الجدّية للخروج من “اللائحة الرمادية” التي أدرجت فيها مجموعة العمل المالي (FATF) لبنان.

وفي هذا السياق، عُلم أن الوفد الأميركي الذي زار بيروت مؤخرًا برئاسة سيباستيان غوركا أثار هذا الملف بشكل مباشر، حيث نقل “الوصايا العشر” التي طالبت الإدارة الأميركية السلطات اللبنانية بتنفيذها قبل نهاية العام الجاري. وتُركّز هذه البنود على سلسلة من الإجراءات السياسية والمالية والأمنية، من أبرزها:

1 – إقفال جميع فروع “جمعية القرض الحسن” في أسرع وقت ممكن، بعد أن سمحت لنفسها بالتحوّل إلى مصرف فعلي خارج الأطر القانونية.

2 – تشديد الرقابة على المعابر الشرعية مع سوريا، بما يحدّ من عمليات التهريب المالي والتجاري.

3 – إغلاق المعابر غير الشرعية التي يسيطر عليها حزب الله منذ عهد النظام السوري السابق، والتي شكّلت ممرّات رئيسية للتهريب.

4 – مراقبة شركات الصيرفة والتحويل المالي.

5 – إقفال شركات التحويل المُدرجة على لوائح العقوبات الأميركية.

6 – مكافحة اقتصاد الكاش بشكلٍ كاملٍ، بعدما استفاد منه “حزب الله” خلال الأزمة الاقتصادية الراهنة.

7 – منع استغلال الحزب للمؤسّسات الرسمية اللبنانية في تمرير مصالحه أو حماية شبكاته.

8 – تشديد الرقابة على شبكة نفوذ الحزب التي تعزّزت بعد اتفاق الدوحة عام 2008، حين حصل على الثلث المعطّل داخل الحكومات.

9 – مراقبة كلّ التحويلات والمبالغ التي تمرّ عبر مطار بيروت، وهو إجراء بدأ تطبيقه فعليًا مع التعيينات الأمنية الجديدة التي شملت منع هبوط الطائرات الإيرانية وفرض رقابة مشدّدة على البعثات الدبلوماسية الإيرانية.

10 – وأخيرًا، الشرط الأصعب والأكثر حساسية: التزام لبنان بِمُهْلَةٍ زمنيةٍ لسحب السلاح غير الشرعي قبل نهاية العام.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us