باريس تعود إلى خطّ الأزمة اللبنانية: تحرّك دبلوماسي لاحتواء التصعيد وإنقاذ الاستقرار

تتحرّك باريس مجددًا على خطّ الأزمة اللبنانية، في محاولة لإعادة إحياء المساعي الدبلوماسية واحتواء التوتر المتصاعد في البلاد. فقد جاءت زيارة مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، آن كلير لو جاندر، لتعيد الزخم إلى الدور الفرنسي التقليدي في لبنان، عبر مساعٍ تهدف إلى التخفيف من حدة التصعيد وتمهيد الطريق أمام حلولٍ تعيد الاستقرار وتجنّب البلاد مزيدًا من التداعيات الخطيرة.
الدور الفرنسي يعود إلى الواجهة
في السياق، قالت أوساط سياسية لـ”الجمهورية”، إنّ زيارة المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي للبنان في هذا التوقيت، تؤشر إلى أنّ باريس تحاول إعادة تفعيل دورها على الساحة اللبنانية وسط زحمة الموفدين الدوليين إلى هذا البلد. ولفتت الأوساط إلى انّه وفي ظل الحضور الأميركي الدبلوماسي المكثف والمبادرة المصرية التي دخلت اخيراً على الخط، والحراك السعودي البعيد من الأضواء بقيادة الأمير يزيد بن فرحان، أرادت فرنسا أن تعيد تحريك دبلوماسيتها وتكريس موقعها السياسي في لبنان، خصوصاً أنّها تعتبر نفسها الأكثر دراية بتعقيداته وصاحبة الأفضلية في رعاية محاولته لتحقيق الاستقرار وللتعافي الإقتصادي انطلاقاً من الإرث التاريخي.
لكن هذه الأوساط أشارت إلى “أنّ الإشكالية التقليدية التي تواجه الدور الفرنسي المتجدد، هي افتقاره إلى الفاعلية بالمقارنة مع النفوذ الأميركي الواسع، الأمر الذي يحيل أي حراك فرنسي إلى مجرد “أكسسوار” خارجي في الوقت الضائع، في انتظار أن تقرّر واشنطن حسم الخيارات”.
لكن مصادر رسمية قالت لـ”الجمهورية”، إنّ المستشارة الفرنسية جاءت مستطلعة، وطرحت خلال لقائها مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أسئلة عن الوضع في لبنان وعن الجيش اللبناني ومهماته، ونقلت عن الإسرائيليين أنّهم يقولون إنّه «لا يقوم بمهماته» في منطقة الجنوب.
تحرك لتفادي التصعيد في لبنان
في حين قال مصدر دبلوماسي في بيروت لـ”الأنباء” إنّ باريس “تستشعر حجم المخاطر المحدقة بلبنان نتيجة تزايد الانقسامات الداخلية حول ملفات أساسية كالسلاح وقانون الانتخابات، إلى جانب تصاعد التهديدات الإسرائيلية التي تتخذ منحى تصاعدياً يوماً بعد يوم، ما جعل من الضروري تحريك القنوات الفرنسية المباشرة مع بيروت قبل فوات الأوان”.
وأوضح المصدر أنّ “زيارة لو جاندر، التي بدأت الأربعاء وتستمر يومين، تحمل طابعاً سياسياً وأمنياً بامتياز، على رغم أنّ جدولها يتضمن لقاءات اقتصادية أيضاً. وتأتي هذه التحركات في إطار محاولة فرنسية لإعادة وصل ما انقطع بين القوى اللبنانية من جهة، وبين لبنان وشركائه الدوليين من جهة أخرى”.
وبيّن المصدر أنّ “جوهر الاهتمام الفرنسي يبقى في الجانب الأمني المتصل بكيفية احتواء التصعيد الإسرائيلي المتسارع، في ظل رفض حزب الله لأي نقاش حول سلاحه شمال الليطاني، وحرص باريس على منع تحول الجنوب إلى ساحة مواجهة مفتوحة قد تطيح بما تبقى من استقرار داخلي”.
وشدد المصدر على “أنّ باريس ما زالت تنظرً إلى لبنان بوصفه مدخلا أساسياً لدورها في المشرق، ولذلك ستحاول استخدام اتصالاتها المتوازنة مع كل من طهران وحزب الله من جهة، وواشنطن والعواصم الخليجية من جهة أخرى، في سبيل منع تفجير الساحة اللبنانية. وتأتي مهمة لو جاندر ضمن سياق دعم الجهود التي بدأها جان ـ إيف لودريان، وليس بديلاً عنها، في إشارة واضحة إلى أن فرنسا قررت مضاعفة حضورها الدبلوماسي في لبنان، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تتدحرج الأوضاع نحو المجهول”.
مواضيع ذات صلة :
ماذا وراء عودة فرنسا إلى بيروت؟! | في الأيام الأولى لافتتاحه… متجر “شي إن” في باريس يستقبل أكثر من 50 ألف زائر | محكمة باريس دانت ساركوزي بالتآمر الجنائي في قضية التمويل الليبي لحملته الانتخابية |




