بن سلمان في البيت الأبيض: ماذا سيجري خلف الأبواب المغلقة؟

الزيارة قد تشكّل منعطفًا مهمًّا إذا نجح الطرفان في التوصّل إلى تفاهمات جديدة، خصوصًا في القضايا الدفاعية والاستثمارية، ما قد يدفع نحو مرحلةٍ أكثر استقرارًا في المنطقة. وفي الوقت الذي تأمل فيه واشنطن إحياء نفوذها في المنطقة، تسعى الرياض إلى توظيف الزيارة بما يخدم دورها القيادي ويعزّز مكانتها الدولية.
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
في تحرّك دبلوماسي يترقّبه العالم، يستعدّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتوجّه إلى العاصمة الأميركية واشنطن، حيث سيعقد لقاءً مهمًّا مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. تأتي الزيارة، التي تحظى باهتمامٍ واسعٍ داخل الولايات المتحدة وخارجها، في ظلّ متغيّراتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ معقّدةٍ تجعل من نتائجها مُؤشرًا مهمًّا إلى شكل العلاقة بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.
يحمل اللقاء المرتقب رمزية لافتة؛ فهو الأكبر منذ سنوات في العلاقات السعودية – الأميركية، ويأتي بعد فترةٍ شهدت إعادة رسم لأدوار القوى الدولية في الشرق الأوسط. وبحسب مُراقبين، تسعى الرياض من خلال هذه الزيارة إلى تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع واشنطن، مع الحفاظ على نهجها الجديد القائم على تنويع العلاقات الدولية وبناء سياسةٍ خارجيةٍ أكثر استقلالًا.
وتؤكّد مصادر مطلعة أنّ الزيارة ستكون جزءًا من “عودة سعودية قوية إلى واشنطن”، في وقتٍ تحاول فيه الإدارة الأميركية إعادة ترتيب تحالفاتها في المنطقة، خصوصًا في ظلّ تصاعد النفوذ الصيني والروسي.
ومن المُنتظر أن يتناول اللقاء عددًا من الملفات الحساسة، أبرزها الأمن الإقليمي، والتعاون الدفاعي، والوضع في أسواق الطاقة، إضافةً إلى ملف العلاقات السعودية – الإسرائيلية الذي تتابعه واشنطن عن كثب.
وتسعى المملكة إلى تعزيز تفاهماتها الدفاعية مع الولايات المتحدة، وسط استمرار التوتّر الإقليمي والتهديدات التي تمثّلها إيران. ويرى محلّلون أنّ الرياض قد تدفع نحو صيغة اتفاقٍ أمنيّ أكثر وضوحًا، يضمن لها دعمًا أميركيًا طويل المدى في مواجهة التحدّيات الإقليمية.
وسيحظى الشقّ الاقتصادي بنصيبٍ كبيرٍ من المباحثات. فمن المتوقع أن تبحث الرياض وواشنطن فرص التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجدّدة والصناعة العسكرية، إضافةً إلى مشاريع كبرى ضمن “رؤية المملكة 2030”.
وتأمل الإدارة الأميركية في جذب استثمارات سعودية جديدة إلى السوق الأميركية، إلى جانب تعزيز دور الشركات الأميركية في المشاريع الضخمة داخل المملكة.
ويُعدّ ملف التطبيع مع إسرائيل من أكثر الملفات حساسيّةً. فبينما تضغط واشنطن لتحقيق تقدّم في هذا المسار، تُواصل السعودية ربط أي خطوة في هذا الاتجاه بالتقدّم في القضية الفلسطينية، مع التأكيد على حقّ الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
ولا تقتصر أهمية الزيارة على ما سيجري خلف الأبواب المغلقة، بل تمتدّ إلى رسائل سياسية واضحة. فالولايات المتحدة تريد التأكيد على أنّ الرياض تبقى شريكًا أساسيًا على الرغم من تحالفاتها المتزايدة مع بكين، بينما ترغب السعودية في إظهار أنّها لاعب مستقل قادر على التفاوض من موقع قوة.
ويرى خبراء أنّ الزيارة قد تشكّل منعطفًا مهمًّا إذا نجح الطرفان في التوصّل إلى تفاهمات جديدة، خصوصًا في القضايا الدفاعية والاستثمارية، ما قد يدفع نحو مرحلةٍ أكثر استقرارًا في المنطقة.
وفي الوقت الذي تأمل فيه واشنطن إحياء نفوذها في المنطقة، تسعى الرياض إلى توظيف الزيارة بما يخدم دورها القيادي ويعزّز مكانتها الدولية.
تتّجه الأنظار إلى واشنطن بانتظار ما سيخرج به لقاء ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي. وبين توقّعات الحلفاء وقلق الخصوم، تبدو الزيارة فرصةً لإعادة صياغة العلاقة بين البلدَيْن، وربّما نقطة انطلاق لمرحلةٍ جديدةٍ في الشرق الأوسط.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ماذا وراء عودة فرنسا إلى بيروت؟! | تغييريون وباسيليون في خندق واحد | خطاب باسيل الانتخابي: عصفوران بحجر |




