الرئيس جوزاف عون: رسالة إيجابية في وجه حملة التشويه

فعّالية الخطاب الرسمي المرتبطة بشكلٍ أساسي بمصداقية الدولة لدى الخارج، بدأت تلعب دورًا إيجابيًا لناحية عدم استمرار الأزمات الاقتصادية والسعي الجدّي إلى محاربة آفة الفساد وإعادة انتظام العمل المؤسّساتي من خلال ملء الفراغات في المواقع الشاغرة والعمل على بناء استراتيجية اتصالية متكاملة.
كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:
لم تأتِ التصريحات الأخيرة لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون عن بعض مَن يسعى إلى تشويه صورة لبنان في الخارج من عبثٍ، بل نتيجة حملات التخوين التي تتعرّض لها البلاد أمام المحافل الدولية. فالرئيس عون يسعى جاهدًا منذ بداية عهده إلى تكريس لهجةٍ دفاعيةٍ ودبلوماسيةٍ عن لبنان، محاولًا نقل رسالةِ مفادها أنّ البلاد لا تستحقّ التشويه وأنّ الوسائل الدبلوماسية هي السبيل لحماية السيادة والمصالح الوطنية. هذه التصريحات جاءت في ظرفٍ إقليمي ودولي مشحون، حيث تتقاطع قضايا الأمن الحدودية والملفات الداخلية مع حملاتٍ إعلاميةٍ وسياسيةٍ يستغلّها خصوم داخل وخارج لبنان لتصوير البلد بصورة سلبية.
ولعلّ أبرز ما عمل عليه الرئيس عون في الآونة الأخيرة، هو إعادة التأكيد أنّ لبنان ليس دولةً خارجةً عن القانون الدولي، فهو يعوّل على المؤسّسات الدولية، ويستند إلى تقارير رسمية، ويتعامل مع الملفات الحدودية والسياسية عبر آليات واضحة وشرعية. هذه الرسائل هدفت إلى دحض السرديّات التي تُظهر لبنان كبلد عاجز أو مستهتر بواجباته الدولية، وتقديمه بدل ذلك كطرفٍ مسؤولٍ يسعى إلى تثبيت الاستقرار.
فالرئيس عون يسعى إلى إعادة إظهار لبنان كدولةٍ تعالج القضايا ضمن أطر دولية وقانونية، وليس كمساحة فوضى أو صراع داخلي مستمر، وذلك من خلال إصراره دومًا على التمسّك بالمؤسسات الداخلية، لا سيما لناحية تشديده الدائم على عمل الجيش والمؤسسات الأمنية ورفض الانجرار إلى المزيد من الاستقطاب.
كما يحاول إبراز صورة السلطة المركزية القادرة على ضبط الحدود والإدارة، في مقابل الروايات التي تعرض لبنان كدولةٍ مُفكّكةٍ أو بلا قدرة على حماية شعبها. هذه الرؤية مهمّة أمام جهات دولية قد تشترط إصلاحاتٍ أو استقرارًا قبل تقديم دعم أو فتح قنوات تعاون.
ولعلّ هذا الثبات الذي يتمتّع به الرئيس عون وإصراره على إعادة البلاد إلى الخريطة الدولية يأتي في وقت صعب على الوطن، وهي في لحظة تحتاج فيها إلى إعادة ترميم علاقاتها مع الخارج. لذلك، يحمل رسائل طمأنةٍ واضحةٍ: لبنان يسير نحو الاستقرار، ملتزم بالتفاوض، ومُصِرّ على حماية حقوقه بطريقة قانونية ومنظمة. هذه المقاربة تسعى إلى إعادة بناء جسور الثقة، وفتح المجال أمام تعاون دولي يُعيد للبنان جزءًا من دوره ومكانته.
ولكن في المقابل، يسعى المشكّكون أو الممتعضون والمتضرّرون من نجاح العهد الباهر خلال الفترة الماضية، إلى تشويه هذه الصورة أمام المجتمع الدولي عبر نقل رسائل مشوّهة عن العهد ومسعاه الدائم إلى النهوض بالبلاد عقب سنوات طويلة من الابتعاد عن العالمَيْن العربي والدولي، نتيجة سياسات خاطئة جعلته لقمةً سائغةً في فم محورٍ ضد محور آخر.
وعلى الرّغم من كلّ هذه المحاولات إلا أنّ فعّالية الخطاب الرسمي المرتبطة بشكل أساسي بمصداقية الدولة لدى الخارج بدأت تلعب دورًا إيجابيًا لناحية عدم استمرار الأزمات الاقتصادية والسعي الجدي إلى محاربة آفة الفساد وإعادة انتظام العمل المؤسساتي من خلال ملء الفراغات في المواقع الشاغرة والعمل على بناء استراتيجية اتصالية متكاملة تشمل الدبلوماسية العامّة، الشفافيّة في الملفات الحسّاسة لإعادة بناء ما انقطع في السابق.
وعليه، فإنّ تصريحات الرئيس جوزاف عون الأخيرة تحمل بُعْدًا إيجابيًا فعليًا وتعكس وعيًا بأهمية حماية صورة البلاد ومصالحها أمام العالم.




