“الحزب” يغرق السفينة

إنّ سفينة الوطن مثقلة بما يكفي، وأي ثقل إضافي قد يغرقها تمامًا، فيما يستمر ِ”الحزب” في تجاهل العاصفة التي تحيط بالبلاد، وكأنّ الطريق ما زالت سالكة، بينما الحقيقة أنّ لبنان يقترب سريعًا من نقطة اللاعودة
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
من الكلام الهام الذي قاله الرئيس جوزاف عون ثم سُحب من التداول، إلى إلغاء زيارة قائد الجيش إلى أميركا، إلى استمرار الاستعصاء في ملف السلاح وعدم إطلاق ورشة الإعمار رغم الوعود المتكررة… كلها محطات تُنذِر بأنّ حزب الله يزيد الأثقال على سفينة بالكاد تطفو، لكنها لا تستعد للنجاة. فلبنان اليوم أمام تراكمٍ ممنهج للأزمات، والمشترك بينها أنّ الحزب يُمعن في دفع البلاد نحو المزيد من العزلة والانهيار، في لحظة تحتاج فيها إلى قرارات جريئة تعيد وصل ما انقطع بينها وبين المجتمع الدولي.
حزب الله يضع لبنان في عين العاصفة عبر تعطيل كل الفرص الممكنة التي كان يفترض أن تجنّبه الحرب والفوضى. كل إشارة كانت توحي بإمكان إعادة تشكيل شبكة أمان سياسية وأمنية كانت تُصادَر سريعًا بقرار من الحزب. فبدل أن تتقدّم أولويات الدولة على حساب مصالح المحور، تُدفَع المؤسسات الدستورية إلى مزيد من الشلل، ويغدو مستقبل اللبنانيين رهينة حسابات إقليمية لا يملكون منها شيئًا.
تهديد حاكم المصرف المركزي كريم سعيد ليس تفصيلًا عابرًا. إنه تهديد مباشر للدولة بكل مرجعياتها؛ تهديد لهيبتها، لقراراتها، ولقدرتها على إدارة مرحلة مالية شديدة الحساسية. هذا التهديد لا يُقرأ بمعزل عن الإصرار على تكريس اقتصاد الكاش، ورفض الالتزام بالإصلاحات المالية التي تُصرّ عليها المؤسسات الدولية وتُعدّ شرطًا لأي دعم. الإصرار على هذا النهج يُنذر بتحويل لبنان إلى اللائحة السوداء، بما يعني عزلة مالية كاملة، تفكّك النظام المصرفي، وانقطاع كل مسارات التعافي الممكنة.
كما في ملف السلاح، كذلك في ملف التفلت النقدي والمالي، يقود حزب الله لبنان إلى الانهيار التام. فالسلاح الخارج عن سلطة الدولة يعطّل مؤسساتها، والاقتصاد الخارج عن القانون يدمّر ما تبقّى من ثقة بها. إنّ سفينة الوطن مثقلة بما يكفي، وأي ثقل إضافي قد يغرقها تمامًا، فيما يستمر الحزب في تجاهل العاصفة التي تحيط بالبلاد، وكأن الطريق ما زالت سالكة، بينما الحقيقة أنّ لبنان يقترب سريعًا من نقطة اللاعودة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الهزيمة لا تعطي لصاحبها الحقّ بـ”الأستذة” على الدولة! | لو لم يلغِ حافظ الأسد اتفاق 17 أيار | المفاوضات آتية حتمًا |




