الجنوب بين نيران الغارات ورسائل التهديد: تصعيد قديم بتوقيت جديد

شكّل موقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حول أنَّ الدولة هي المرجعيّة الوحيدة في قضايا الأمن والدفاع، وأنَّ الحلّ المُستدام يكمن في الالتزام بالسلاح الشرعي وتفعيل الآليّات الدبلوماسية ذات الصلة، بداية بوصلة للحلّ وضوءًا أبيض في نهاية النفق يمكن التركيز عليه للخروج بالبلاد من المتاهة الكبيرة.
كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:
عادت التحذيرات الإسرائيلية في اليومَيْن الماضيَيْن على وقع تصعيد ميداني عنيف، حيث شهد الجنوب اللبناني تصعيدًا لافتًا مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات مكثّفة استهدفت مواقعَ في عدد من البلدات الحدودية، في تطوّر يُعيد التوتّر الأمني إلى الواجهة بعد فترة من الهدوء النسبي.
وقد ترافقت هذه الضربات مع تحذيراتٍ مباشرةٍ أطلقها المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، ألمح فيها إلى إمكانيّة “العودة إلى الحرب” في حال استمرار ما وصفه بـ”الأنشطة العسكرية لحزب الله” في المنطقة، وأتت لتدعم رواية إسرائيل القانونية أمام المجتمع الدولي حول استمرار الحزب في نشاطاته العسكرية، شمال الليطاني، وخرقه لاتفاق وقف إطلاق النار، من دون أن يعني ذلك تراجعًا في مستوى التصعيد.
في المقابل، حافظ حزب الله على موقفه الثابت، مؤكداً تمسّكه بما يعتبره “حق المقاومة”، ورافضًا أي مقاربة تتّصل بسلاحه أو بإجراء مفاوضات مع إسرائيل. في وقتٍ هو بأمَسّ الحاجة إلى وقف هذا العدوان المستمرّ الذي أرهق البنية العسكرية والأمنية للحزب، وهو يسعى عبر قنواته إلى تخفيف حدّة الهجمات، أو إبعاد شبح الحرب عن بيئته الحاضنة، خصوصًا أنّ أيّ حرب قد تندلع في الأيام المقبلة ستعود بالكوارث على محازبيه، وأنّنا في الشتاء والدولة عاجزة عن تأمين مأوى لهم، كما أنَّه هو أيضًا في حالة اقتصادية صعبة يعجز عن تأمينُ أي مساعدة لأي نازح. هذا فضلًا عن الامتعاض الكبير الذي يعيشه هذا الجمهور القلِق على مستقبله والذي بات خائفًا على ممتلكاته التي أعاد ترميمها.
في الموازاة، شكّل موقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حول أنَّ الدولة هي المرجعيّة الوحيدة في قضايا الأمن والدفاع، وأنَّ الحلّ المُستدام يكمن في الالتزام بالسلاح الشرعي وتفعيل الآليّات الدبلوماسية ذات الصلة، بداية بوصلة للحلّ وضوءًا أبيض في نهاية النفق يمكن التركيز عليه للخروج بالبلاد من المتاهة الكبيرة، وإعادة تثبيت دورها ضمن الحدود المتاحة.
إضافةً إلى مبدأ التفاوض الذي يصرّ عليه الرئيس والذي قد يكون حجر الخلاص الذي يُبنى عليه الوطن للأجيال القادمة.
في الخلاصة، الجنوب اليوم أمام مفترقٍ جديدٍ: إمّا استمرار الاشتباك المُنضبط الذي تحكمه قواعد غير مكتوبة بين الطرفَيْن، وإمّا انزلاق غير محسوب قد يؤدّي إلى مواجهةٍ أكبر. لكن يبقى الثابت الوحيد أنَّ الحلّ الدائم لا يمكن أن يتحقّق إلّا عبر دولة قوية وسلاح شرعي واحد، وهو ما أكّده رئيس الجمهورية بوضوح، في موقفٍ أعاد إلى السجال الداخلي بُعدَه الوطني، وحفر سؤالًا أساسيًّا:
هل يمكن للبنان أن يستعيد قراره الأمني كاملًا، أم سيبقى الجنوب ساحة صراع مفتوحة بين الحسابات الإقليمية؟.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الخطة “ب” كيف يستعدّ اللبنانيون بصمت لحربٍ قد تندلع في أي لحظة؟ | الرئيس جوزاف عون: رسالة إيجابية في وجه حملة التشويه | السفير ميشال عيسى… بداية مرحلة أميركية جديدة في لبنان! |




