وقف النار أسقط معادلات “الحزب”

منذ سنة حتى اليوم لم يمارس “الحزب” الغاية التي قيل إنّه وجد لأجلها وهي الدفاع عن لبنان وتحرير فلسطين، وفي نص اتفاق وقف إطلاق النار وافق “الحزب” على ألّا يكون تنظيماً مسلّحاً في لبنان ومصداقيّته التي طالما تغنّى بها تفرض أن يُنفّذ ما وقّع عليه
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
نقترب من الذكرى السنوية الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله ونحن نعيش في حالة لا هدنة ولا حرب مفتوحة، وفي هذا الوضع يدفع حزب الله ومعه لبنان وحدهما الثمن، بينما تتمتع إسرائيل بحرية الحركة والتصرف في كل الأراضي اللبنانية وهي تعالج تداعيات حربي الإسناد وطوفان الأقصى بينما بيئة حزب الله تعاني يوماً بعد آخر.
كان حزب الله يروّج أنّ إسرائيل تقف على “إجر ونص” وكان قد وضع معادلات قال إنّها تستند إلى ما يُسمّى توازن الرعب، فمدني مقابل مدني وعسكري مقابل عسكري وقرية مقابل مستوطنة ولكن كل هذه المعادلات سقطت وأصبح حزب الله لا يحرّك ساكناً تجاه ما يتعرّض له عناصره وبيئته.
طبعاً لا أحد في لبنان لا في بيئة الحزب ولا في خارجها يريد جر لبنان مجدداً إلى الحرب، وكل التصاريح والمواقف التي تطلق من على المنابر هي في سياق ضخ المعنويات التي لا تستند إلى أي واقع أو فعل حقيقي، ولذلك يحاول حزب الله استغلال أي قضية تُثار لحرف الأنظار عن المعاناة المستمرة. فالحزب يدرك أنّ المشكلة ليست في ما يجري الحديث عنه من “ثرثرة ونميمة وبخ للسم” بل إنّ المشكلة هي أنّه وبعد مرور سنة على اتفاق وقف النار يصر الحزب – وكأنّ شيئاً لم يكن – على عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل ٨ أكتوبر ٢٠٢٣ وأنه قد استعاد عافيته ولا يريد أن يُسلّم سلاحه وإن تمّ المس به من قبل الجيش فالفتنة والحرب الأهلية جاهزة، ولا يُقال هذا الكلام بالسر بل من على المنابر وعبر وسائل الإعلام. وبالتالي لا تحتاج الولايات المتحدة أو غيرها لمن يوصل لها المعلومات أو من يحرّضها على الحزب أو غيره، فوسائل إعلام حزب الله كانت أول من أورد أنّ قائد الجيش العماد رودولف هيكل طرح تعليق عملية حصر السلاح في جلسة لمجلس الوزراء، وهل كان الحزب يتوقّع أن تكون ردة الفعل الأميركية ترحيباً بهذا الطرح أم أنّ الأمر سيثير غضبها؟
إنّ حزب الله هو الوحيد المخوّل مساعدة الدولة والجيش وانتشال اللبنانيين من المأزق الذي يعيشون فيه، وخطوته في هذا السياق تتمثّل في تسليم سلاحه للدولة اللبنانية لأنّ المعادلات التي كان هذا السلاح يفرضها لم تعد موجودة، ولأنّه منذ سنة حتى اليوم لم يمارس الغاية التي قيل إنّه وجد لأجلها وهي الدفاع عن لبنان وتحرير فلسطين، ولكن الأهم أنّ حزب الله وفي نص اتفاق وقف إطلاق النار وافق على ألّا يكون تنظيماً مسلّحاً في لبنان ومصداقيته التي طالما تغنّى بها تفرض أن يُنفّذ ما وقّع عليه.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مصالح مُتعدّدة تُعيق الترسيم بين لبنان وسوريا | “الحزب” والنزف المستمرّ! | سجال تحالفات وانتخابات |




