البابا يغادر ونداء السلام يتردّد: زيارة تفتح نافذة أمل وتحذّر من بقاء السلاح خارج الدولة!

اختتم الحبر الأعظم البابا لاوون الرابع عشر زيارته الروحية إلى لبنان. ولا شك في أن هذه الزيارة التاريخية بأبعادها الداخلية والخارجية، حملت رسائل أمل وإخاء ورجاء للبنانيين جميعاً بكل محطاتها.
زوّدت زيارة المحبة والسلام، لرأس الكنيسة الكاثوليكية اللبنانيين بجرعة دعم وأمل وإيمان، خصوصاً في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية الجمّة، وسط مخاوف من تصاعد الخروقات الإسرائيلية، في أعقاب هدوء حذر شهدته الأجواء اللبنانية وتحديداً العاصمة، أثناء وجود البابا في لبنان.
وفي ختام القداس الذي ترأسه في الواجهة البحرية، رأى البابا أن الشرق الأوسط يحتاج “إلى مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، وللتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية، ولفتح فصول جديدة باسم المصالحة والسلام”، داعياً إلى توقّف الهجمات والأعمال العدائية، “ولا يظننّ أحد بعد الآن أنّ القتال المسلح يجلب أية فائدة. فالأسلحة تقتل، أما التفاوض والوساطة والحوارُ فتبني”.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أنّ زيارة الحبر الأعظم إلى بيروت انتهت إنما مفاعيلها لم تنتهِ لا سيما أنها منحت جميع اللبنانيين جرعات من الأمل وأظهرت تقدير البابا لمعاناة اللبنانيين وتوقهم إلى السلام والأمان، مشيرة إلى أنّ هذه الزيارة التي حفلت بمحطات متعددة ومواقف تدعو إلى نبذ العنف والتعايش والحلم بالمستقبل، سيتابعها الحبر الأعظم بعدما حمَّله رئيس الجمهورية تمنياته بحمل القضية اللبنانية في عظاته والتأكيد أنّ الشعب اللبناني يرفض الموت والرحيل.
واعتبرت هذه المصادر أنّ البابا لاوون الرابع عشر دخل في التفاصيل اللبنانية الدقيقة ووصلت إليه أصداء عن الواقع اللبناني وعلى ما يبدو فإنه سيعمل على إجراء الاتصالات اللازمة في سياق وضع الملف اللبناني في أولويات المتابعة.
إلى ذلك أوضحت المصادر أنّ مواكبة رئاسة الجمهورية لهذه الزيارة أدت إلى نجاحها على مختلف المستويات، وهذا الأمر يُسجل في عهد الرئيس عون.
ولعّل الصلاة الصامتة في موقع انفجار مرفأ بيروت كانت كبرى رسائل التضامن مع أهالي الضحايا والجرحى، الذين يرجون معرفة الحقيقة ويطلبون العدالة حيث أنّ لحظات المواساة، ومصافحته أهالي الضحايا، كبارهم وصغارهم، صرخة دعم وتضامن، أحيت من جديد التشديد على إنجاز تحقيقات انفجار المرفأ التي تواجه عقبات وتشهد تعطيلاً بخلفيات سياسية وقانونية، تمنع تبيان الحقيقة واستكمال التحقيقات سريعاً، وفق ما أشارت مصادر خاصة إلى “الأنباء الإلكترونية”.
الرئيس عون يتمنى
وفي كلمته الوداعية، توّجه رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى البابا لاون بالقول: “جئتم إلى لبنان حاملين رسالة سلام، وداعين إلى المصالحة”، مشيراً الى أنّ لبنان “ما زال يشكل نموذجاً للعيش المشترك وللقيم الإنسانية التي تجمع ولا تفرّق”، “وأنا بدوري أقولُ لكم إننا سمعنا رسالتَكم، واننا سنستمرُ في تجسيدِها”، مطلقاً أمنية “وهي أن نكونَ دائماً في صلواتِكم، وأن تتضمّن عظاتُكم لكلِّ مؤمنٍ ومسؤولٍ في هذا العالم التأكيدَ على أنَّ شعبَنا شعبٌ مؤمنٌ يرفض الموتَ والرحيل”.
وفي هذا الإطار، ثمّنت مصادر سياسية لـ”الأنباء الإلكترونية” ما صدر عن الحبر الأعظم من مواقف، منبعها روحي وإنساني وأخلاقي، تجاه هذا البلد الذي عانى الكثير من الأزمات والحروب ودفع أثماناً باهظة، مشيرةً إلى تشديده على عدم فقدان “فرح الرسالة” رغم الظروف الصعبة.
واعتبرت المصادر أنّ زيارته إلى لبنان في هذا التوقيت المفصلي، حيث يواجه البلد انقساماً سياسياً داخلياً، وأزمات اقتصادية وقضايا جوهرية من بينها حصر السلاح بيد الدولة، وكذلك اعتداءات إسرائيلية، اختصرها بقوله يجب أن يقوم كل واحد بدوره، وعلينا جميعاً أن نعمل من أجل أن يبقى لبنان أرضاً للسلام والعدل والتلاقي بين الأديان”.
ومساء أمس تم نشر حديث صحافي للبابا لاوون أكد فيه عزمه على “الاستمرار في مساعي إقناع مختلف الأطراف اللبنانية بالتخلي عن السلاح والعنف، والانخراط في حوار بنّاء يحقق مصلحة لبنان وشعبه”. وقال: البحث عن حلول تقوم على الحوار لا على العنف، هو الطريق الأكثر فعالية لخدمة الشعب اللبناني وتحقيق الاستقرار. وأشار البابا إلى أنه اطّلع على رسالة حزب الله، موضحًا أنّ الكنيسة قدّمت اقتراحًا يدعو الحزب إلى ترك السلاح والسعي نحو الحوار، مضيفًا أنّ اللقاءات السياسية التي جرت خلال الزيارة كانت بعيدة عن الأضواء، وتركزت على تهدئة النزاعات الداخلية والإقليمية.
العبرة في الإفادة من الزيارة
في هذا السياق، رأت مصادر كنسية أنّ كلام البابا، رغم صياغته الهادئة المعهودة في أدبيات الكرسي الرسولي، حمل في مضمونه رسائل مباشرة تتقاطع مع التحذيرات الدولية والعربية للبنان بضرورة التحرّك قبل فوات الأوان. فالفاتيكان، وإن كان يختلف في أدواته ووسائله عن سائر القوى الدولية، إلا أنها تلتقي معًا في الدعوة إلى استعادة الدولة اللبنانية سيادتها الكاملة، وحصر السلاح بيد الشرعية وحدها. وأكد المصدر لـ “نداء الوطن” أنّ العبرة تبقى في كيفية الإفادة من زيارة الحبر الأعظم، مشيرًا إلى أنّ البابا يُولي الوضع اللبناني اهتمامًا بالغًا، وقد وعد بالتواصل مع عواصم القرار، وعلى رأسها واشنطن، للعمل على إيجاد مخرج للأزمة وتجنب انزلاق البلاد نحو حرب جديدة. كما سيجري اتصالات مع الدول الفاعلة، بما فيها تل أبيب، للحؤول دون العودة إلى أتون الدمار. ولفت المصدر إلى أنّ البابا اطّلع على مختلف وجهات النظر خلال زيارته، وهو من أشدّ الداعمين لقيام دولة قوية، لأنّ بقاء الوضع على ما هو عليه يعني بقاء الفوضى واستمرار دورة العنف، في ظلّ قناعته بأنّ السلاح غير الشرعي يشكّل وقودًا دائمًا للأزمات والانهيارات.
مواضيع ذات صلة :
كلمات “البابا” وصيّة… ابقوا شجعانًا كما كنتم دائماً! | هدوء “حذر” وتساؤلات حول المرحلة المقبلة… ماذا بعد مغادرة البابا لبنان؟ | كنعان: أروع لقاء كان بين البابا والشباب الليلة في بكركي |




