لبنان والاتفاق الإبراهيمي: فرصة تاريخيّة للعبور نحو الاستقرار والازدهار

هكذا خطوة سيكون لها ارتداداتٍ حتميةً إلّا أنّها ستكون قابلةً للإدارة خصوصًا أنّ إيجابيّتها تكمُن في أنّها تفتح حوارًا وطنيًا جديدًا حول مستقبل لبنان بدل البقاء أسرى الماضي. ومع إدارةٍ ذكيةٍ لهذا القرار، يمكن للحكومة والقيادات السياسية أنْ تحوّل الجدل الداخلي إلى فرصة لإعادة صياغة رؤية اقتصادية وسيادية واضحة.
كتبت إليونور أسطفان لـ”هنا لبنان”:
في ظلّ الانهيار الاقتصادي غير المسبوق والتراجع المتواصل في ثقة المجتمع الدولي بالدولة اللبنانية، يبرز سؤال استراتيجي يتجنّب الكثيرون طرحه: هل يمكن أن يكون الحلّ للبنان من خلال الانضمام إلى الاتفاق الإبراهيمي؟
تُشير مصادر سياسية عبر هنا لبنان إلى أنّ هذا الموضوع وعلى الرَّغم من حساسيته في السياق اللبناني، إلّا أنّ مقاربة هذا الخيار بإيجابيةٍ تكشف عن مجموعةٍ من الفرص التي قد تشكّل نقطة تحوّلٍ في مستقبل البلاد.
ولعلّ أبرز ما قد يجنيه لبنان من الانضمام إلى الاتفاق الإبراهيمي هو فتح باب الاستثمارات الدولية، خصوصًا الخليجية والأميركية، فبحسب المصادر فَإِنَّ الدول المشاركة في الاتفاق ستصبح جزءًا من شبكة تعاون اقتصادي وتجاري ضخمة تشمل التكنولوجيا والطاقة والسياحة والتطوير العمراني، ما قد يُشكّل نافذةً للبنان، الذي يعيش أزمة مالية خانقة، يستطيع عبر هذه الخطوة أن يخرج من عزلته وأن يستعيد قدرته على جذب الرساميل، خصوصًا في قطاعاتٍ حيويةٍ مثل التكنولوجيا المتقدمة والابتكار، والطاقة المتجدّدة والغاز، وإعادة إعمار البنى التحتية، اضافة إلى التعليم والاقتصاد الرقمي.
وتتابع المصادر: “انضمام لبنان إلى الاتفاق الإبراهيمي يفتح له الباب ليكون جزءًا من تحالفٍ إقليميٍّ جديدٍ يتقدّمُ بسرعة على صعيد التعاون الاقتصادي والعلمي، ما قد يمنح لبنان قدرةً أكبر على التأثير في السياسات الإقليمية بدل أن يبقى مُحَيَّدًا أو مُهَمَّشًا، هذا فضلًا عن أنّ المشاركة في شبكات تعاون تضم الولايات المتحدة ودول الخليج ودولًا عربية وازنة، قد تُعيد للبنان دوره التاريخي كجسرٍ بين الشرق والغرب”.
وتعتبر المصادر أنّ خطوةً من هذا النوع قد تُشكّلُ رسالةً قويةً إلى المجتمع الدولي مفادها أنّ لبنان يختار الانفتاح بدل الانغلاق، والفرص بدل الجمود، وبالتالي سيحصل تلقائيًا على دعم سياسي ومالي، وهو ما يحتاجه لبنان بشدة للعودة إلى خريطة الاستقرار.
وردًّا على سؤالٍ حول ارتدادات هكذا خطوة داخليًّا، اعتبرت المصادر أنّ هكذا خطوة سيكون لها ارتداداتٍ حتميةً إلّا أنّها ستكون قابلةً للإدارة خصوصًا أنّ إيجابيّتها تكمُن في أنّها تفتح حوارًا وطنيًا جديدًا حول مستقبل لبنان بدل البقاء أسرى الماضي. ومع إدارةٍ ذكيةٍ لهذا القرار، يمكن للحكومة والقيادات السياسية أنْ تحوّل الجدل الداخلي إلى فرصة لإعادة صياغة رؤية اقتصادية وسيادية واضحة، كما أنّ الانخراط في مسار السلام والتعاون الإقليمي قد يخفّف من حدّة التوتّرات الأمنية على المدى الطويل، عبر إدخال لبنان في منظومة إقليمية أكثر استقرارًا.
وبالتالي وعلى الرّغم من كل الحساسيّات السياسية، فإنّ الانضمام إلى الاتفاق الإبراهيمي قد يكون أحد أكثر الخيارات جرأةً وقدرةً على إحداث تغيير نوعي في لبنان. الخطوة ليست سهلةً، لكنّها تحمل إمكاناتٍ هائلةً لإعادة البلاد إلى الخريطة الاقتصادية والسياسية، وتقديم نموذج جديد للبنان المنفتح، الفاعل، القادر، والشريك في صناعة المستقبل، والذي لن تتمكّن أيّ شخصية سوى الرئيس جوزاف عون من الإقدام عليها وتنفيذها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بين التصعيد الكلامي الإيراني والتصعيد العسكري الإسرائيلي… أين لبنان؟! | الجنوب بين نيران الغارات ورسائل التهديد: تصعيد قديم بتوقيت جديد | الخطة “ب” كيف يستعدّ اللبنانيون بصمت لحربٍ قد تندلع في أي لحظة؟ |




