برّي يحاول إنقاذ الـ”تيتانيك” قبل الغرق!


خاص 10 كانون الأول, 2025

السير خلف الحزب من دون نقاش يعني، بالنسبة إلى برّي، التورّط في حربٍ جديدةٍ يراها قادمةً لا محالة. حربٌ يعتبر أنّ لبنان، وبالتحديد الطائفة الشيعية ومؤسّساتها، لن يحتملها مرةً أخرى، خصوصًا بعد الضربة التي أصابت رأس الحزب.

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

يُشبه المشهد السياسي اللبناني اليوم سفينةً عملاقة أصابها الخراب، تتلاعب بها الأمواج، ويقف في مقدمتها رجل واحد يُحاول منعها من الغرق. نبيه بري، رئيس المجلس النيابي، يتصرّف كقبطانٍ يُحاول إنقاذ الـ”تيتانيك” (Titanic) بعد سلسلة اصطداماتٍ بدأت تشقّ “هيكل الثنائي” وتكشف حجم التصدّعات التي خلّفتها الحرب واغتيال السيد حسن نصر الله. فإذا كان الاصطدام الأوّل بجبل الجليد قد أحدث شرخًا كبيرًا في تماسك التحالف التقليدي، فإنّ الاصطدام الثاني، إنْ وقع، قد يودي بالسفينة نفسها، وبالموقع السياسي الذي يدير أشرعتها برّي منذ عقود.

من هنا، تبدو استراتيجية برّي في المرحلة الجديدة واضحة: الابتعاد عن كلّ ما يقود إلى الغرق، والبحث عن مخارج غير مألوفة، حتى لو تطلّب الأمر مجازفة سياسية كبرى. وفي هذا الإطار، تكشف المعلومات الموثوقة أنّ تسمية سيمون كرم لمفاوضات سياسية مع إسرائيل لم تكن قرارًا عابرًا، ولا ثمرة توافق داخل الثنائي. بل تؤكّد هذه المعلومات أنّ بري “لعبها سولو”، واتّخذ الخطوة من دون انتظار ضوءٍ أخضر من حزب الله، مكتفيًا بتنسيق مباشر مع رئيس الجمهورية، كَمَنْ يقول إنّ زمن القرارات المشتركة كما كانت في السابق قد انتهى أو يكاد.

استراتيجية برّي الجديدة تقوم على معادلة دقيقة: التمايز من دون الاصطدام. فهو يدرك أنّ السير خلف حزب الله من دون نقاش يعني، بالنسبة إليه، التورّط في حربٍ جديدةٍ يراها قادمةً لا محالة. حربٌ يعتبر أنّ لبنان، وبالتحديد الطائفة الشيعية ومؤسّساتها، لن يحتملها مرة أخرى، خصوصًا بعد الضربة التي أصابت رأس الحزب. ويُروى عن برّي قوله بعد انتهاء العمليات العسكرية: “ما بنيته في أربعين سنة تهدّم”. هذه العبارة، التي نقلها مقرّبون، تُلخّص عقل الرجل: حماية الإرث، منع الانهيار النهائي، وعدم السماح بأن تستكمل عملية الإجهاز على ما تبقّى.

وفي هذا السياق، برز كلام علي حسن خليل، باسم بري، كإشارةٍ متقدّمةٍ إلى هذا التمايز. فهو يقول الكثير من دون أن يقول كلّ شيء، ويبتسم عندما يُسأل عن الخلفيات، كأنّه يترك للآخرين عناء التفسير، بينما هو يكتفي بإيصال الرسالة: المعنى واحد، والاتجاه تغيّر.

بدأ برّي رحلة التمايز. قد تكون محفوفةً بالمخاطر، وقد تُثير غضب حلفاء الأمس، لكنّها بالنسبة إليه الطريق الوحيد لإنقاذ “التيتانيك” التي تتهاوى. وفي النظرية التي يؤمن بها رئيس المجلس، لا بدّ من قبطانٍ واحدٍ عندما تبدأ السفينة بالغرق… وإلّا غرق الجميع معها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us