قانون الفجوة المالية: نواف سلام يُشرّع “المجزرة”… ومن سيصوّت لإقراره خائن!


خاص 20 كانون الأول, 2025

حماية حقوق المودعين والقطاع المصرفي يجب أن تكون الهدف الأساسي لأي مشروع قانون، لكن المسودة المطروحة لا تُراعي هذا المبدأ، إذ تُهدر حقوق المودعين من خلال استبدال ودائعهم بسندات غير مغطّاة، فضلًا عن أنّ ضرب المصارف يعني عمليًّا ضرب ما تبقّى من حقوق المودعين والاقتصاد الوطني في آنٍ واحدٍ.

كتبت بشرى الوجه لـ”هنا لبنان”:

ما تطرحه الدولة اللبنانية اليوم في ملف إعادة الودائع لا ينسجم إطلاقًا مع الخطاب الذي يروّج له رئيس الحكومة نوّاف سلام، ولا مع الوعود التي أطلقها كلّ من وزير المال ياسين جابر، ووزير الاقتصاد عامر البساط، وحاكم مصرف لبنان كريم سعيّد.

فبينما تحدّث سلام أمس عن “حل عادل”، و”عدم تقديم مسكّنات”، و”تحمّل المسؤولية”، خرجت إلى العلن مسودة مشروع قانون لمعالجة الانتظام المالي واسترداد الودائع، تحمل في جوهرها مجزرةً ماليةً موصوفةً بحقّ المودعين، وتكريسًا لخسارتهم بدل إنصافهم.

المفارقة أنّ الحكومة تسوّق لهذا المشروع على أنه “تقدّم” في مسار الحل، فيما الحقيقة أنّه تقدّم على حساب أصحاب الحقوق، ومحاولة لفرض أمر واقع جديد قبل أيّ نقاش جدي، فالاستعجال في طرح المسوّدة وإحالتها إلى مجلس الوزراء لا يبدو هدفه إنقاذ الاقتصاد أو إعادة الثقة، بل القضاء على ما تبقّى من آمال اللبنانيين باسترجاع ودائعهم، وتحويل الخسارة إلى واقع قانوني نهائي، ولذلك فإن أي مسؤول يوافق على هذا المشروع بصيغته الحالية هو خائن لشعبه ولمستقبل لبنان.

الأخطر أن الخطاب الرسمي لا يُصارح المواطنين بالحقيقة، فبدل الوضوح، يَعرض على المودعين وهم استعادة الودائع عبر سندات بلا ضمانات فعلية، مؤجّلة الاستحقاق، ومجهولة القيمة، فأي صدق هذا؟ وأي مسؤولية تُتحمّل حين يُطلب من الناس الثقة بدولةٍ تفصل نفسها عن مواطنيها، متجاهلةً ألّا نمو اقتصادي بلا ثقة، ولا ثقة بلا عدالة، ولا عدالة في مشروع يضع المودعين في موقع الضحية.

في هذا السياق، حذّر الكاتب والخبير الاقتصادي أنطوان فرح من أنّ تنفيذ مشروع قانون الفجوة المالية بصيغته الحالية سيؤدّي إلى تقويض ثقة المستثمرين والمودعين، ما ينعكس سلبًا على الدورة الاقتصادية ويُفقد لبنان أي فرصة للنهوض السريع.

وأكّد، في حديث لـ”هنا لبنان”، أنّ ضرب القطاع المصرفي لا ينعكس فقط على المصارف نفسها، بل يطال مجمل الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أنّ غياب الثقة سيحوّل المناخ الاقتصادي الذي كان يمكن أن يكون إيجابيًّا بعد التوصل إلى حل عادل، إلى مناخ سلبي، ويُبقي البلاد في حلقة مفرغة يكون فيها النموّ ضعيفًا.

وشدّد فرح على أنّ حماية حقوق المودعين والقطاع المصرفي يجب أن تكون الهدف الأساسي لأي مشروع قانون، معتبرًا أن المسودة المطروحة لا تُراعي هذا المبدأ، إذ تُهدر حقوق المودعين من خلال استبدال ودائعهم بسندات غير مغطّاة، فضلًا عن أنّ ضرب المصارف يعني عمليًا ضرب ما تبقّى من حقوق المودعين والاقتصاد الوطني في آنٍ واحدٍ.

ورأى أنّ الحلّ يتطلّب مقاربةً غير تقليديةٍ، لافتًا إلى أنّ لبنان يملك ثروة تقدَّر بنحو 40 إلى 41 مليار دولار لا يمكن تجاهلها عند البحث عن حل، موضحًا أنه في حال كانت الدولة ومصرف لبنان جادّين في تحمّل مسؤولياتهما، فلا بدّ من أخذ واقع ميزانية مصرف لبنان بعين الاعتبار، ولا سيما وجود دين يقارب 84 مليار دولار لصالح المصارف، ومن هذا المنطلق، دعا إلى استخدام الذهب كضمانةٍ للسندات التي سيصدرها مصرف لبنان، عبر إلغاء قانون تجميد الذهب.

كما شدّد فرح على ضرورة احتساب الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان كجزءٍ من أموال المصارف والمودعين، معتبرًا أنه لا يجوز مطالبة المصارف بتسديد 14 مليار دولار من دون احتساب هذا الاحتياطي، لأنّ أي استخدام له يعني عمليًا الدفع من أموال المودعين والمصارف وليس من أموال المصرف المركزي الخاصّة.

وختم فرح بالإشارة إلى أنّ هذا المسار قد يسمح بدفع الودائع التي تصل إلى 100 ألف دولار وما دون نقدًا بطريقة قابلة للتحمّل من قبل المصارف، شرط احتساب الاحتياطي الإلزامي ضمن أموالها، على أن تُستبدل بقية الودائع بسندات مضمونة ومغطاة بالذهب، ما يمنحها قيمةً فعليةً وقابليةً للتداول بأسعار مقبولة قبل آجال استحقاقها الطويلة التي قد تصل إلى 15 سنة، معتبرًا أن هذا الطرح يشكّل حلًّا مثاليًّا لأزمة نظامية معقّدة سيدفع الجميع ثمنها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us