لبنان يحدّد أولوياته في اجتماع “الميكانيزم”: إشارات جدّية نحو تهدئة مُستدامة وفتح نافذة أمل!

في ظلّّ تصاعد الضغوط الدولية والمساعي الرامية إلى احتواء التوتّر على الحدود الجنوبية، برز اجتماع لجنة “الميكانيزم” في الناقورة كمحطةٍ مفصليةٍ لإعادة تحريك المسار التفاوضي بين لبنان وإسرائيل. اجتماع حمل في طيّاته أولويات لبنانية واضحة، يتقدّمها وقف إطلاق النار وإطلاق الأسرى والانسحاب إلى ما خلف الخط الأزرق، وسط إشارات إلى جدية دولية في الدفع نحو تهدئة مستدامة وفتح نافذة أمل لمسار سياسي وأمني أكثر استقرارًا.
وعقب الاجتماع في الناقورة، أمس، نقل مصدر سياسي لـ”الأنباء الإلكترونية” أن الوفد اللبناني المشارك سلّم اللجنة أولوياتٍ واضحةً تبدأ بوقف إطلاق النار وعمليات القتل، باعتبار ذلك المدخل الإلزامي لأي مسار تفاوضي جدّي. يلي ذلك ملف الأسرى وإطلاق سراحهم وصولًا إلى الانسحاب الإسرائيلي إلى خلف الخط الأزرق، على أن يشكّل هذا المسار قاعدةً أساسيةً لاستكمال تثبيت الحدود البرية.
وأكّد المصدر أنّ هذه الأولويات لا تخضع لاعتبارات ظرفية، بل تعكس رؤيةً واقعيةً تعتبر أنّ أي مقاربة خارج هذا الإطار تبقى غير قابلة للحياة، مشيرًا إلى أنّ الجانب اللبناني يولي أهميةً خاصّةً لما سيطرحه الوفد الإسرائيلي خلال الاجتماع سواء من حيث المضمون، أو السقوف السياسية والأمنية. ولفت إلى أنّ أي تقدم يبقى مرهونًا بمدى جدّية الطرح الإسرائيلي واستعداده للاستجابة للمطالب اللبنانية، ولا سيما وقف الخروقات المتكرّرة. كما أشار المصدر إلى أنه لمس تحوّلًا في عمل اللجنة بما يخدم المساعي اللبنانية، ما قد يساعد على وقف الأعمال العدائية وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها والإفراج عن الأسرى.
واللّافت في كلام مصادر رسمية لصحيفة “الجمهورية”، مقاربتها اجتماع لجنة “الميكانيزم” بأنّه “محطة مهمّة جدًّا، إن لناحية النقاش الجدّي والعميق الجاري فيها، أو من خلال ما بدا أنّه دفع جدّي من قبل رعاة اللجنة، للتأسيس لبلوغ الهدف الذي رسمته لنفسها، أي الوصول إلى وضع هادئ يسوده الأمن المستدام لكل الأطراف، وضمن فترة زمنية عاجلة”. وتنسب المصادر عينها إلى مسؤولين كبار، تلقّيهم تأكيدات، ليس فقط من “الميكانيزم” ورعاتها، بل من أكثر من مصدر دولي، بأنّ “المسار الذي تنتهجه لجنة “الميكانيزم” بعد إشراك مدنيِّين فيها، سيُفضي بالتأكيد إلى خطوات إيجابية في المدى القريب”.
بيان السفارة
وكانت السفارة الأميركية في بيروت قد أصدرت بيانًا لخّصت فيه مجريات اجتماع “الميكانيزم”، أشارت فيه إلى “أنّ أعضاء اللجنة التقنية العسكرية للبنان (الميكانيزم) عقدوا اجتماعهم الخامس عشر في الناقورة في التاسع عشر من كانون الأول، لمواصلة الجهود المنسقة دعمًا للاستقرار والتوصّل إلى وقف دائم للأعمال العدائية”.
وأضافت السفارة: “إنّ المشاركين العسكريين قدّموا آخر المستجدّات العملياتية، وركّزوا على تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين من خلال إيجاد سبل لزيادة التنسيق. وأجمع المشاركون على أنّ تعزيز قدرات الجيش اللبناني، الضامن للأمن في قطاع جنوب الليطاني، أمر أساسي للنجاح. وفي موازاة ذلك، ركّز المشاركون المدنيون على تهيئة الظروف للعودة الآمنة للسكان إلى منازلهم، ودفع جهود إعادة الإعمار، ومعالجة الأولويات الاقتصادية. وأكدوا أنّ التقدم السياسي والاقتصادي المُستدام ضروري لتعزيز المكاسب الأمنية وترسيخ سلام دائم”.
ولفت بيان السفارة إلى “أنّ المشاركين أكدوا مجدّدًا أن التقدّم في المسارَيْن الأمني والسياسي يظل متكاملًا ويعدّ أمرًا ضروريًا لضمان الاستقرار والازدهار على المدى الطويل للطرفَيْن، وهم يتطلّعون إلى الجولة المقبلة من الاجتماعات الدوريّة المقررة في العام 2026”.




