لماذا كشفت إسرائيل اعترافات عماد أمهز الآن؟ قراءة في التوقيت والدلالات!


خاص 23 كانون الأول, 2025

إنّ إسرائيل لا تنشر اعترافات في الفراغ، ولا تختار توقيتًا اعتباطيًا. ما يجري هو جزء من حرب نفسية تهدف إلى زعزعة الثقة، وتكريس سردية الاختراق، واستثمار التناقض بين النفي العائلي، والصمت الحزبي، والاعترافات المصورة. أما الحقيقة الكاملة، فتبقى رهينة ميزان القوة بين الرواية والواقع، في صراع بات فيه الإعلام سلاحًا لا يقل خطورة عن الميدان

كتب بشارة خيرالله لـ”هنا لبنان”:

يثير كشف إسرائيل عن تسجيلات مصورة تتضمن اعترافات للقبطان البحري عماد أمهز، في هذا التوقيت تحديدًا، جملة من الأسئلة السياسية والأمنية، لا تقل أهمية عن مضمون الاعترافات نفسها.

فالتوقيت هنا ليس تفصيلًا تقنيًا، بل رسالة محسوبة بدقة، في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، يتداخل فيها الميدان بالسياسة، والحرب النفسية بإدارة الصراع.. يأتي ذلك، عشيّة الاجتماع المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، لإطلاع الأخير على الخطة الإسرائيلية الجديدة لضرب إيران أو لاستئناف الحرب على “حزب الله” وتنفيذ ما تبقى من أجندة الاستهدافات التي سبق للإسرائيلي أن سربّها عبر وسائل إعلامه بعيد اغتيال رئيس أركان “حزب الله” (أبو علي) هيثم الطبطبائي.

أولًا، يأتي النشر الإسرائيلي في ظل مرحلة ضبابية يمر بها المشهد الحدودي مع لبنان، حيث تعزز تل أبيب تثبيت السرديّة الردعيّة الجديدة، بهدف القول إنها لا تواجه تنظيمًا عسكريًا فحسب، بل بنية بشرية واستخبارية عميقة كانت تخطط لضرب العمق الإسرائيلي.

وعليه، فإنّ بث اعترافات مسجلة يهدف إلى ضرب صورة “البيئة الصامتة” وإيصال رسالة مفادها أنّ الاختراق ممكن، وأنّ السيطرة الأمنية ليست مطلقة.

ثانيًا، يتزامن الكشف مع امتناع “حزب الله” عن الاعتراف بعماد أمهز كأحد عناصره، مقابل نفي عائلته أي علاقة تربطه بالحزب، ما يخلق تناقضًا مقصودًا تستثمره إسرائيل إعلاميًا. فتل أبيب تدرك أن الغموض، حين لا يُملأ برواية رسمية مضادة، يتحول إلى مساحة خصبة للشك، ويُستخدم لتوسيع دائرة الإرباك داخل الرأي العام اللبناني، وخصوصًا في البيئات الحساسة سياسيًا.

ثالثًا، لا يمكن فصل التوقيت عن البعد الداخلي الإسرائيلي. فالكشف عن “إنجاز استخباري”، يخدم القيادة السياسية والعسكرية في لحظة ضغط داخلي، ويعيد إنتاج صورة الجيش القادر على الوصول إلى “عمق الخصم”، ولو عبر الإعلام.

في المقابل، يشي صمت “حزب الله” بعدم رغبته في الانجرار إلى معركة روايات تخدم الخصم، أو في إعطاء الاعترافات وزنًا سياسيًا أكبر مما تستحق من وجهة نظره. كما أنّ الاعتراف أو النفي الصريح قد يفرض أثمانًا تنظيمية أو ميدانية، في وقت يفضل فيه الحزب إبقاء هامش المناورة مفتوحًا.

خلاصة القول، إنّ إسرائيل لا تنشر اعترافات في الفراغ، ولا تختار توقيتًا اعتباطيًا. ما يجري هو جزء من حرب نفسية تهدف إلى زعزعة الثقة، وتكريس سردية الاختراق، واستثمار التناقض بين النفي العائلي، والصمت الحزبي، والاعترافات المصورة. أما الحقيقة الكاملة، فتبقى رهينة ميزان القوة بين الرواية والواقع، في صراع بات فيه الإعلام سلاحًا لا يقل خطورة عن الميدان.

الكل ينتظر بحذر نتيجة الاجتماع بين ترامب ونتنياهو.. وعليه يتحدد مصير المنطقة واتجاه البوصلة.. لكن، يبقى الوقت، العدو الأول للبنان واللبنانيين، سواء كانوا مع “حزب الله” أم ضدّه.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us