“الحزب” بين عامَيْن: لم يبقَ إلا الوهم!

سيسلك التفاوض المباشر مع إسرائيل، المرفوض أصلًا من الحزب، طريقًا تصاعديًا وقد نبلغ حدّ الاتفاق في النصف الثاني من العام المقبل. لا بل قد يتحقّق ذلك كلّه بوتيرةٍ أسرع إذا جلس المفاوض الإيراني مع المفاوض الأميركي على طاولةٍ واحدة، إذ لم يبقَ من قيمةٍ للحزب اليوم سوى أنّه ورقة إيرانية سيتنازل عنها المرشد الأعلى عند الحاجة وبـ”سعرٍ مقبول”.
كتب زياد مكاوي لـ “هنا لبنان”:
لم يعد حزب الله، في العام 2025، يشبه ما كان عليه في السابق. لم يعد يطلّ السيّد حسن نصرالله ليسحر جمهوره، وليرفع إصبعه مهدّدًا. لم يعد قادرًا على إقفال طرقات، وتهديد قضاة والوقوف في وجه قراراتٍ حكومية وإجراءاتٍ أمنية.
فُتّشت أنفاقه، وسُلّم قسمٌ كبيرٌ من سلاحه، وسقط له مئات العناصر وحلّقت الطائرات فوق رؤوس مناصريه، ولم يردّ بطلقة نارية واحدة.
فِي العام 2025، انتُخب الرئيس الذي لم يكن يريده حزب الله. وكُلّف رئيس الحكومة الذي لم يسمّه. وشُكّلت حكومة لا تضمّ شيعيًا من دون ربطة عنق. وحين انسحب الوزراء من الحكومة، أُكملت الجلسة وصدرت القرارات، ولولا “الأخ الأكبر” رئيس مجلس النواب نبيه بري لكان وضعه أسوأ بكثير.
تحوّل الحزب الباحث عن مزيدٍ من فائض القوّة، إلى باحثٍ عن مخرج. كلّ حديث عن استعادة قوّته العسكريّة وهم. كلّ كلامٍ عن إعادة هيكليّته وهم. كلّ كلام عن استمرار تمويله، كما كان، وهم. بات بإمكان أيّ ضابطٍ أمنيٍ أن يقفل الخطّ في وجه وفيق صفا إذا اتّصل به. وبات بإمكان أيّ قاضٍ أن يقول “لا” إن طلب منه وفيق صفا أن يفرج عن موقوف. سقطت هيبة حزب الله، وهي في تراجعٍ كبير، تمامًا كما تراجع كثيرًا التنسيق الأمني معه من قبل الجيش والمؤسسات الأمنية.
ولن يكون العام 2026، بالنسبة إلى “الحزب”، أفضل ممّا كان عليه العام الذي نطوي صفحاته الأخيرة. سيكون الحزب مرغمًا على تسليم ما تبقّى من سلاحه، حتّى شمال الليطاني. وسيسقط له المزيد من القتلى، لا بل ستتوسّع دائرة الاستهدافات حتمًا لتشمل قيادات بارزة، سياسية وليس فقط عسكريّة.
وسيسلك التفاوض المباشر مع إسرائيل، المرفوض أصلًا من حزب الله، طريقًا تصاعديًا وقد نبلغ حدّ الاتفاق في النصف الثاني من العام المقبل. لا بل قد يتحقّق ذلك كلّه بوتيرةٍ أسرع إذا جلس المفاوض الإيراني مع المفاوض الأميركي على طاولةٍ واحدة، إذ لم يبقَ من قيمةٍ لحزب الله اليوم سوى أنّه ورقة إيرانية سيتنازل عنها المرشد الأعلى عند الحاجة وبـ”سعرٍ مقبول”.
أمّا “سلاح” حزب الله الوحيد الذي سيبقى فهو جمهوره، ولذلك تتوجّه قيادته إلى هذا الجمهور لمدّه بالمعنويّات، ولو كانت مستندة إلى أوهام. وهذا “السلاح” سيخسره “الحزب” شيئًا فشيئًا، عندما ينتهي من حالة الإنكار للهزائم ويكتشف أنّ ما كان يسمعه طيلة سنوات كان وهمًا ومضى.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“عميلة الحزب”… بولا يعقوبيان المريضة بعقدة “صحناوي”! | من إدانة إرهاب سيدني إلى الإصرار على التفاوض… الرئيس عون ينتصر للدولة في وجه الظلاميّين! | إنفصال بين حركة أمل والحزب حول مسألة “خيار الحرب” |




