الجيش في شمال الليطاني!


خاص 29 كانون الأول, 2025

تتّجه اليوم الأنظار إلى لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث من المقرّر بحث اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الولايات المتحدة والذي أنهى الأعمال العدائية على الجبهة الشمالية لإسرائيل العام الماضي، فيما يُقال إنّ ضباطًا أميركيين ينصحون الإدارة بدعم إسرائيل في عملية محتملة ضدّ “الحزب”.

كتب أحمد عياش لـ”هنا لبنان”:

تحدّثت المعلومات الرسمية، أمس، عن “أنّ الجيش تفقّد في مدينة بنت جبيل، أربعة منازل مهدّمةً جرّاء الحرب، بناءً على طلب لجنة “الميكانيزم”. وأنهى الجيش عملية التفتيش ولم يَعْثُرْ على أسلحة”. ليست هذه المرة الأولى التي يُعلن مثل هذا النّبأ. وأصبح تكراره أمرًا عاديًّا. لكن ما لم يُعلن هو الأهمّ، ويتّصل بالحقائق الميدانية جنوب نهر الليطاني قبل أيام من انتقال الاهتمام بمناطق شمال النهر.

بات شائعًا أنّ نهاية السنة الحالية، أي بعد يومَيْن، هو موعد الانتهاء من تنفيذ خطة الجيش لتنظيف منطقة جنوب نهر الليطاني من أي سلاح خارج الدولة تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء في 5 آب الماضي والذي تعزّز بقرار في 7 آب وتكرّس بخطة الجيش في 5 أيلول الماضي. وأتت كل هذه القرارات إنفاذًا لاتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني العام الماضي. وتتحدّث المعلومات عن أنّ الجيش قد أنجز فعلًا مهمّته في منطقة جنوب الليطاني حيث لم يعدْ هناك إلّا سلاح القوى الأمنية وقوات اليونيفيل باستثناء المناطق التي لا تزال تحتلّها إسرائيل.

ولكن، ما هي قصة المنازل التي تتعلق بتفتيش الجيش لها؟ هنا، يكمن الجانب المُثير من المعلومات التي تفيد بأنّ أساس القصة، هو قرار إسرائيل إشغال الجيش بـ”أخبار تفتيش المنازل” عبر الميكانيزم، كي تبدو أنّ مهمة الجيش في منطقة جنوب النهر لم تُنجز بعد. وقد أدرك الجانب الأميركي الذي يتولّى اللجنة الخماسية هذا الأمر مبكرًا، وانبرى في الاجتماعات الأخيرة للجنة الخماسية للدفاع عن إنجازات الجيش التي نالت في الآونة الأخيرة أكثر من تأييدٍ في بيانات أصدرتها قوات اليونيفيل. لذا، قرّرت اللجنة الخماسية استيعاب الموقف بالتجاوب مع طلبات الجانب الإسرائيلي من أجل “ذرّ الرماد في العيون” كما يُقال.

ونأتي إلى أكثر جوانب الإثارة في المعلومات والمتصلة بشمال نهر الليطاني. وقد تسارعت المواقف في الفترة الأخيرة حول مستقبل خطة حصر السلاح بدءًا من الضفة الشمالية لنهر الليطاني باتجاه كل لبنان. وتصدّرت هذه المواقف الإعلان الرسمي أنّ المهمة التالية للجيش ستنطلق بدءًا من العام الجديد من شمال الليطاني وصولًا إلى نهر الأولي شمال صيدا ما يعني تغطية كامل الجنوب جغرافيًّا. وفي المقابل، أشهر “حزب الله” الفيتو على الجزء الجديد من خطّة حصر السلاح. ولاقى الحزب بطريقةٍ غير مباشرةٍ إسرائيل التي اعتبرت أنّ “حزب السلاح” ما زال يمتلك ترسانة السلاح بعد جنوب الليطاني فقالت أنّ الحرب ما زال خيارًا بالنسبة إليها كي تنزع سلاح الحزب.

إزاء كلّ هذه المواقف، كشفت المعلومات عن أنّ الجيش بات ممسكًا بالموقف خارج جنوب الليطاني من خلال إنجازه ما يسمّى خطوة احتواء السلاح والتي تتعلّق بحظر نقل السلاح الذي لا يعود إلى السلطات الشرعية.

في المقابل، خرج، أمس، الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم ليعلن “أنّ نزع السلاح هو مشروع إسرائيلي – أميركي، حتى لو سُمّي بحصرية السلاح”. أمّا نائب الحزب علي فياض فأكّد على ما أسماه “شرعيّة المقاومة وعمق الحاجة إليها”. وأشار إلى “أنّ الدعوات للانتقال إلى ما يُسمّى المرحلة الثانية، المتعلقة بشمالي نهر الليطاني، تأتي في وقتٍ لا يزال فيه العدو يحتل أجزاءً حدوديةً جنوبي النهر، ويُعيق انتشار الجيش اللبناني، ويواصل الاعتداءات والاغتيالات، ما يعني عمليًّا مطالبة لبنان بالالتزام من طرف واحد بشروط إسرائيلية تتجاوز القرار 1701”.

في موازاة ذلك، تتّجه اليوم الأنظار إلى لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وواكب الإعلام الإسرائيلي اللقاء منذ عدّة أيام. وجاء في بعض التحليلات الإعلامية الإسرائيلية: “في الأيام المقبلة، من المقرّر أن ينتهي اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الولايات المتحدة مع لبنان والذي أنهى الأعمال العدائية على الجبهة الشمالية لإسرائيل العام الماضي. ولم يتمّ تجديد الاتفاقية بعد. وفي الوقت نفسه، يُقال إنّ ضباطًا أميركيين ينصحون الإدارة بدعم إسرائيل في عملية محتملة ضد ‘حزب الله’، الذي لا يزال أقوى وأفضل تجهيزًا من القوات المسلحة اللبنانية”.

كيف تبدو صورة الأحداث انطلاقًا من الجنوب في مرحلة عبور من العام 2025 إلى العام 2026؟ يُقدّم قائد الجيش العماد رودولف هيكل جوابًا ينطلق من الدور الذي يضطلع به الجيش خلال هذه المرحلة المصيرية. وجاء في كلمة العماد هيكل خلال اجتماع استثنائي الأسبوع الماضي، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج العملانية، وعدد من الضبّاط، وتناول فيه آخر التطورات التي يمرّ بها لبنان والجيش في ظلّ المرحلة الاستثنائية الحالية، وسط استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية: “إنّ الجيش في صدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطته، وأنّه يُجري التقييم والدراسة والتخطيط بكلّ دقة وتأنٍّ للمراحل اللاحقة، ويأخذ مختلف المعطيات والظروف في الحسبان”.

تُتيح القراءة بين السطور معرفة ما ينتظر لبنان خلال المرحلة المقبلة انطلاقًا من نجاح الجيش في إنجاز خطة جنوب الليطاني. ما يعني أنّ هناك نجاحًا آخر سيُعلن لاحقًا شمال الليطاني، مهما ارتفع تهديد إسرائيل ووعيد “حزب الله”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us